للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان معه في السفينة رجل آخر، وقد استدعى المستدعي الإلقاء، وضمن، فقد ذكرنا أن ما يرجع إلى نجاة غير المالك، فهو مضمون، وقد اجتمع في هذه المسألة نجاة مالك المتاع ونجاة غيره، فإذا ألقى المتاع باستدعاء الضامن ما حكمه؟ قال القاضي رضي الله عنه: لا يجب على [المستدعي] (١) إلا ضمان نصف المتاع؛ فإنه قد رجع نصف الفائدة إلى مالك المتاع، ولو كان حقاً عليه أن يُلقي المتاع [وينجو، فما] (٢) يرجع إليه لا يضمنه الضامن، كما لو كان منفرداً، ولو كان في [السفينة] (٣) عشرة، وصاحب المتاع عاشرهم، فإذا قال: ألق متاعك، وأنا ضامن، فألقى، فالضامن [يلتزم] (٤) تسعة أعشار المتاع، ويسقُط العُشر، وهو ما يرجع إلى المُلقي.

فقيل للقاضي: إن كان المسقط [للضمان] (٥) في حصة المُلقي أنه يجب عليه أن يلقي، فينجو، فإذا [كان] (٦) معه راكب آخر، فحقٌّ عليه أن يخلص نفسه، وهو لا يتخلص إلا بإلقاء جميع المتاع، فوجب ألا يضمن الضامن شيئاًً؛ فإن إلقاء جميع المتاع حتمٌ عليه لنجاة نفسه، فإن جاز أن يلتزم الضامن نصفَ المتاع، لأجل الراكب الذي ليس صاحب المتاع، فينبغي أن يلتزم تمام القيمة لأجله أيضاً، فإن ذلك لا ينجو إلابإلقاء تمام المتاع.

فقال القاضي: هذا محتمل، فنجعله وجهاً، ونقول: في المسألة وجهان: أحدهما - أن الضامن يلتزم الجميع، وهذا الذي ذكره وجهاً مجرداً، هو منصوص الشافعي، وإليه صار الأصحاب. ووجهه أن هذا الضمان يستقلّ بأدنى فائدة، وقد [تقرر] (٧) في قاعدة الفصل أن الإلقاء إذا أفاد نجاة غير المُلقي يجوز ضمانه، وهذا


(١) في الأصل: "المدعي".
(٢) في الأصل: "يتخوف ما".
(٣) في الأصل: "السفر".
(٤) في الأصل: "ملزم".
(٥) في الأصل: "للضامن".
(٦) زيادة لاستقامة الكلام.
(٧) في الأصل: "تقدر".