للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمقدار الذي ذكره العلماء في المعنى الذي فهموه من غرض الشارع -وإن كان [لا يستد] (١) على السبر اعتبارُه- أن العرب كانت تتناصر ويذبّ بعض العشيرة عن البعض، بالنفس والمال، ويناضل البعض دون البعض، فورد الشرع بإعانة المخطىء إذا ورد منه زلل، وقد كانوا يتعاطَوْن استعمالَ الأسلحة للتدرب بها، ولا يبعد إفضاء استعمالها في وجوهٍ من الخطأ، فهذا ما تخيله الناظرون على البعد، وإنما ذكرناه لأنا

في تفصيل المسائل قد نعتضد بأطراف هذا المعنى.

١٠٧٥٢ - ثم الدية المضروبة على العاقلة تجب على العاقلة أم يَلْقى وجوبُها [القاتلَ] (٢) ثم العاقلة يتحملون عنه.

توجيه القولين: من قال: إنها تَلْقى العاقلةَ، احتج بظواهر الأخبار، فإنه روي: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة " (٣).

ومن قال: الوجوب يلقى القاتلَ، استدل بأنا إذا قلنا به، فقد استمسكنا بطرفٍ من قياس الأصول، وجعلنا التحمل في حكم الإعانة، كما يؤدّى الدينُ عمن تحمّل [بحَمالة] (٤) في إصلاح ذات البين من سهم الزكاة، وقد قدمنا مثلَ هذا التردد في زكاة الفطر، إذا أدّاها الغير عن الغير، وأشرنا إلى قريبٍ منه في كفارة الوقاع في نهار رمضان [في حق المرأة] (٥) تفريعاً على أحد القولين.

وما ذكرناه من تردد فى القول هاهنا من الملاقاة لسنا نُسنده إلى منصوص صاحب المذهب نقلاً صريحاً، وإنما نتلقاه من تصاريف كلامه في التفريعات، ومعناه الذي


(١) في الأصل: "لا يستمر".
(٢) في الأصل: "القائم".
(٣) حديث: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة" جزء من حديث للمغيرة بن شعبة، ولأبي هريرة، وهو متفق عليه (ر. اللؤلؤ والمرجان: القسامة، باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني، ح ١٠٩٥ - ١٠٩٦).
وانظر معرفة السنن والآثار (ح ٢٩٤٣ - ٢٩٤٦). كما أنه جزء من حديث حمل بن مالك الذي تقدم قريباً.
(٤) في الأصل: "بجهالة".
(٥) زيادة من المحقق.