للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا لم نجد ضبطاً واضطررنا إلى التمسك بتقريبٍ، فأقرب الأمور أن يتلقى محل الإشكال في المسألة ممّا وجدناه فيها، وهو مما نصصنا عليه، غير أنا نوجب الزكاة على من ملك عشرين ديناراً، وإن كان في اختلالٍ من حاله، وضعف من عياله؛ نظراً إلى مقدار الملك ونشترط في الزكاة أموالاً مخصوصة، حتى لو ملك الرجل من العقار أموالاً لها مقدار في النفوس، فلا تستوجب الزكاة، والسبب في ذلك أن الزكوات من حقوق حالاتهم وحاجاتهم، وصفة الزكاة على الضبط، وأما ضرب العقل على العاقلة، فمواساة بعد استغناء، فلا نكتفي فيه بملك، بل نشترط أن يفضل من جهات الحاجات هذا المقدار، ثم لا نشترط تملك الأجناس المخصوصة الزكاتية؛ فإن المواساة تعلقت بعين الباذل المُواسي، وليست من حقوق أمواله، والوظائفِ الشرعية المتعلقة بأعيان الأموال.

فينتظم من ذلك أن الغني المخاطبَ بإخراج نصف دينار هو الذي يفضل من حاجاته هذا المقدار، والمتوسط هو الذي [ترقّى] (١) عن الحاجة، ويقع ملكه دون المقدار الذي ذكرناه.

١٠٧٦٦ - ثم الذي ذكره الأصحاب أن نصف الدينار مأخوذ من أقل الزكاة، وربع دينار مأخوذ من نصاب السرقة، ولست أنسب ربع دينار إلى حساب العشرين، حتى يقال: المتوسط من يكون على شطر الغنيّ في فاضل ماله، هذا لا سبيل إلى التحكم به، ولكن يكفي في رتبة التوسط أمران: أحدهما -[التعلِّي] (٢) عن الحاجة، والانحطاط عن رتبة الغنى، على ما شرط ألا يصير ببذل الربع إلى درجة الحاجة؛ فإن مبنى الباب على المواساة من غير تعريض من يواسي للضرار، والاقتصارُ على هذا المقدار النزر أصدق شاهد فيما ذكرناه.

فهذا هو الذي اعتلقه فهمي، وليس عندي فيه نقلٌ، ولا تحويم عليه، وإنما ذكرتُه أخذاً من المقدار الذي صادفته منصوصاًً عليه للاصحاب، وعلمتُ قطعاً أنهم لم يُعنَوْا ببيان ما تورطنا فيه، وفوّضوا الأمر فيه إلى درك الفاهم، فهذا منتهاك، والرأي


(١) في الأصل: "يوفي".
(٢) في الأصل: "التعلق".