للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قلنا: إنها مضروبة عليهم في تسع سنين، فنضرب على العاقلة عند انقضاء كل سنة التُسع من كل دية، فيجتمع الثلثُ وهو ثلاثة أتساع ثلاث ديات.

١٠٧٨٣ - ومما لا يضر التنبيه له أنه لو قتل جماعةً في حالة واحدة مثلاً، فالأمر على ما وصفناه، فإن قتلهم على ترتيب في ثلاثة أيام مثلاً، فإن أقررنا كلَّ نفسٍ بحكمها، فدية كل نفس مضروبة على العاقلة في ثلاث سنين. وابتداء الأجل في كل ديةٍ من وقت اتفاق القتل.

والجملةُ المُغنية أن كل نفس تعتبر على حالها، وإن قلنا: إذا قتل النفوس زادت آجال الديات على ثلاث سنين؛ فإن تفاوتت تواريخ القتل، فقَتَلَ ثلاثَ أنفس في ثلاثة أيام، كما صورنا، فإذا انقضت سنة من القتل الأول، التزم العاقلةُ من ديته ما يلتزمونه من تلك الدية، لو وقع القتل في النفوس معاً، ثم إذا تم الحول بمضيّ يومٍ آخر، التزموا من الدية الثانية مثلَ ذلك، فإذا مضى يوم آخر، التزموا من الدية الثالثة ما التزموه من الأولى، وهكذا إلى انقضاء الأجل [الثالث] (١).

١٠٧٨٤ - ولو قتل عبداً خطأ، فقد اختلف القول في أن العاقلة هل تحمل قيمة العبد؛ أحد القولين - أنها تحملها وهو الأقيس؛ لأن نفس العبد بمثابة نفس الحر في القصاص والكفارة، فلتكن بمثابة نفس الحر في كون بدلها معقولاً.

والقول الثاني - أن العاقلة لا تحمل قيمة العبد؛ فإنها بدلُ مال، وهذا يقرب مأخذه من إيجابنا في أطراف العبد ما ينقص من قيمته، وقد روى الفقهاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحمل العاقلة عمداً ولا عبداً ولا اعترافاً" (٢) وغالب


(١) في الأصل: "الزائد".
(٢) حديث "لا تحمل العاقلة عبداً ... " وارد بغير سياقة إمام الحرمين من حديث عمر مرفوعاً بلفظ: "العمد والعبد، والصلح، والاعتراف لا تعقله العاقلة" قال الحافظ: (وهو منقطع وفي إسناده عبد الملك بن حسين وهو ضعيف. قال البيهقي: والمحفوظ أنه عن عامر الشعبي من قوله، وروي أيضاً عن ابن عباس: لا تحمل العاقلة عمداً ولا صلحاً ولا اعترافاً ولا ما جنى المملوك" ا. هـ فتعليق إمام الحرمين الحكم على صحة الحديث في العبد له وجه.
(ر. الدارقطني: ٣/ ١٧٧، البيهقي: ٨/ ١٠٤، التلخيص: ٤/ ٦١ ح ١٩٥٠، وقد نقل كلام الإمام هنا).