للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالك، وهذا بعيد غير معتد به، وقد كررت مراراً أن القول القديم لا يحل عدّه من مذهب الشافعي، مع رجوعه عنه.

ثم التفريع عليه أن مقدار الثلث المحمول على الجاني لا يُحمل منه شيء، فإن زاد الأرش على هذا المقدار، فالكامل محمول على العاقلة، وكان يليق بالقياس أن يقال: قدر الثلث أبداً على الجاني، والزائد عليه معقول محمول؛ وهذا يخالف وضعَ الشافعي في الجديد، فإنه لم ير ضربَ شيء على الجاني لما رأى ضرب ما قل وما كثر على العاقلة، فلا تعويل على هذين القولين الغريبين: أولهما - أن الأروش لا تضرب على العاقلة، والثاني - أن مقدار الثلث لا يضرب على العاقلة.

ومن لم يضرب أروش الأطراف على العاقلة فما عندي أنه [يخالف] (١) [في إثباتها] (٢) معجّلةً، كقيم المتلفات، فلا ينبغي أن نفرع على الأصول الضعيفة.

١٠٧٨٦ - وقد عدنا إلى [المسير] (٣)، فأول ما نذكره أن من قطع يدي رجل مسلم حر، فموجب اليدين دية كاملة، فالذي رأيت لمعظم الأئمة القطعُ بأنها مضروبة على العواقل في ثلاث سنين قولاً [واحداً] (٤)؛ فإنا إن اعتبرنا المقدار، فالواجب بالغٌ مقدار دية كاملة، وإن اعتبرنا كونه بدل نفس -والأرش ليس بدل نفس، ولكنه مشبه به قدراً وكيفية [وجنساً] (٥) - فلما أثبتنا في اليدين دية النفس، وجب أن يثبت لها جميع أحكام الدية، وهذا هو الذي لا يستقيم في مساق الفقه غيره.

وذكر شيخي أبو محمد وجهاً عن بعض الأصحاب أنا لو اعتبرنا كون الواجب بدل نفس، فنضرب الأروش -وإن بلغ ديةً، أو زاد- على العاقلة في سنة واحدة، وهذا


(١) غير مقروءة في الأصل.
(٢) في الأصل: "في تثبتها".
(٣) في الأصل: "اليسير". وهذا أقرب لفظٍ إلى الأصل يمكن أن يؤدي معنى مفيداً مناسباً. أي عدنا إلى السير فيما كنا فيه.
(٤) في الأصل: "واجباً".
(٥) في الأصل: "وحسناً".