للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الظلام من هاهنا، وأشار إِلى المغرب. وقال: وأدبر النهار من هاهنا، فقد أفطر الصائم" (١).

فهذا بيان أوّل وقت صلاة المغرب.

فأمّا آخر وقتها، فقد اختلف قول الشافعي فيه، فقال في أحد القولين: يمتّد وقتها إِلى غيبوبة الشفق الأحمر، فبها يدخل وقت العشاء، وليس بين منقرض وقتها ومبتدأ وقت العشاء فاصل من الزمان.

وقال في القول الثاني: لا يمتد وقت أدائها إِلى وقت العشاء (٢).

توجيه القولين: من قال: إِنه لا يمتدّ، استدل بحديث جبريل وإِقامته صلاة المغرب في وقتٍ واحد في النوبتين جميعاً، ويشهد لهذا القول اتفاق طبقات الخلق في الأعصار على مبادرة هذه الصلاة في وقتٍ واحد، مع اختلافهم فيما سواها من الصلوات.

ومن نصر القول الثاني، استدل بأخبار رواها الأئمة وصححوها (٣)، منها ما روي "أن النبي عليه السلام صلى المغرب عند اشتباك النجوم" (٤) وقد ذهب أحمدُ بن حنبل (٥) إِلى هذا القول، ولولا صحة الأخبار عنده، لما رأى ذلك.


(١) متفق عليه من حديث عمر رضي الله عنه بلفظ: "قال صلى الله عليه وسلم: إِذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم" (اللؤلؤ والمرجان: ١/ ٢٤٤ ح ٦٦٨).
(٢) ر. المختصر: ١/ ٥٦.
(٣) في هامش الأصل: صح عند المحققين من المحدثين امتداد وقت المغرب إِلى غيبوبة الشفق.
(٤) لم أصل إِلى الحديث بهذا اللفظ، ولكن وردت أحاديث صحيحة، في أن وقت المغرب ممتدّ إِلى دخول وقت العشاء، منها حديث جابر في إِمامة جبريل عليه السلام، حكى الترمذي أنه أصح شيء في المواقيت، يعني في إِمامة جبريل، ومنها حديث بريدة، أن النبي صلى الله عليه وسلم بين المواقيت للسائل عنها، بقوله: "صل معنا هذين اليومين" .. وهذا في صحيح مسلم، وبمعناه في مسلم أيضاً من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. (ر. التلخيص: ١/ ١٧٤ ح ٢٤٨، وصحيح مسلم: ١/ ٤٢٦ - ٤٣٠، كتاب المساجد ومواضع الصلاة: باب أوقات الصلوات، ح ٦١٢، ٦١٣. ونيل الأوطار: ١/ ٣٨٩ - ٣٩١).
(٥) ر. الإِنصاف: ١/ ٤٣٤، كشاف القناع: ١/ ٢٥٣، ويستفاد منهما أَن لها وقتين، أحدهما ما نسبه الإِمام لأحمد.