للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البئر محتفرة في مضيق، ويمكن الازورار عنها، مع دخول الملك، فإن لم يكن الازورار ممكناً مع الدخول، ولا يتم الغرض في هذا التصوير إلا بفرض تغطية [البئر؛ كي] (١) لا يرى رسمَها الطارق، أو تقدير الدعاء في ظلمة، فإن كان كذلك، فهو بمثابة [تقديم] (٢) الطعام المسموم [إلى الضيف] (٣) وقد مضى القول فيه مفصلاً. ومن أصحابنا من جعل الصورة التي ذكرها الآن أولى بوجوب الضمان [من] (٤) تناول الطعام المسموم؛ فإن التناول والازدراد تعاطٍ بفعلِ المتلف، بخلاف الطروق، فإن التردي يقع لا عن اعتمادٍ (٥) إليه.

ولو كانت البئر مائلةً وأمكن تقدير الازورار عنها، فإذا فرض من المالك الدعاء إلى دخول الملك، فدخلها المدعو وتردّى، فللأصحاب طريقان: منهم من قطع بانتفاء الضمان؛ فإن أصل الاحتفار لم يكن مستنداً إلى عدوان، وكان حق الداخل أن يتحفظ أو يتصوّن في أحواله، وهذا هو المسلك الأصح.

ومنهم من جعل في الضمان قولين على الترتيب الذي سيأتي في البئر المحتفرة في الطريق الواسعة إذا تردى فيها المتردي.

وتمام البيان في ذلك أن البئر إذا غُطِّي رأسُها، ثم فرض الدعاء إلى التردد (٦)، فالضمان في هذه الصورة قريب، والأوضح إيجابه؛ لأنه يناسب تقديم الطعام المسموم، فلئن كان يفرض من الداخل ميل وانحراف عن منهج السير، فتقرر على الوفاق (٧) تخطي البئر، فالحالة على الجملة حالة إلباس. ولو قدم الرجل أطعمة إلى إنسان، وفي بعضها سم، وكان من الممكن ألا يتعاطى المسموم، ويكتفي بغيره، فإذا تعاطاه، فأمْر الضمان مرتب على ما إذا قدم إليه طعاماً مسموماً متّحداً، والصورة


(١) في الأصل: "التردي".
(٢) في الأصل: "تقرع".
(٣) في الأصل: "اذا لضعيف".
(٤) في الأصل: "في".
(٥) اعتمادٍ: أي قصدٍ.
(٦) أي إلى الدخول.
(٧) أي حدث وفاقاً، والمعنى أن احتمال الضمان قائم.