للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي ذكرناها آخراً أولى بانتفاء الضمان إذا نسب إلى تقديم الطعام الفردِ المسموم.

١٠٨٠٩ - ثم إنا نذكر في هذا القسم ما يتعلق بتصرفات المُلاّك في أملاكهم الخاصة فيما يتعلق بالضمان، فنقول: إذا احتفر بئراً في داره وكانت مَفيضةً للفضلات، فانهارت البئر، وأفضت إلى تردي أساس جدار دار الجار، وترتب على ذلك انتقاض الجدار، فلا ضمان، وهذا مما اتفق أصحابنا عليه.

والسبب فيه أن الأملاك لا تستقل دون البالوعات والآبار، ولو أوجبنا الضمان بسبب ما تُفضي إليه المرافق لعظُمَ الأمر، ثم يعارض إسقاطَ الضمان أن الجار لا يُمنع من مثله في ملك نفسه، فاقتضى الشَّرَع (١) بينهم الإرفاقَ، وتمهيدَ الارتفاق، والتسويةَ بين الناس، ثم كل مالك في الغالب ضنين بملك نفسه، والخلل من ملكه يتعدى إلى ملك غيره، فهذا الشَّرَع يعوِّل على الثقة بالملاك من الاحتياط لأملاكهم، مع ما قررناه.

ثم اتفق المحققون على أن هذا مشروط بمراعاة الاقتصاد، وردّ الأمر إلى الاعتياد، فلو ملك الرجل حجرة متضايقة الخط (٢)، فاتخذ من عرضها بئراً، وسيّبها، [وفي فِنائها] (٣) الحجرة وحواليها، فهذا ما نمنع منه، ولو فعله، كان متعدياً، ولكن الرجوع فيه إلى العادة ولا يبعد ضبطه؛ فإن ذلك لا يعد ارتفاقاً، وقد يجري فيه أن ملك المالك يتلف به، فهذا إتلاف الملك وليس ارتفاقاً بالملك.

وعلى هذا إذا [أجّج ناراً لطبخٍ] (٤) أو إيقاد تنّور أو ما أشبهها مما يُعتاد، واتفق طيران شرارٍ إلى [كوخ] (٥) أو إلى دار [وشبّب] (٦) حريقاً، فلا ضمان.


(١) الشَّرَع: السواء والمساواة. (المعجم).
(٢) الخط: المساحة، فالخط كل مكان يخطه الإنسان لنفسه. (المعجم).
(٣) في الأصل: "وفيها".
(٤) عبارة الأصل: "احتج بأن الطبخ" تأمل كيف تم التصحيف.
(٥) في الأصل: "كوس". ولعلها من عامية خراسان بمعنى آخر، والله أعلم.
(٦) في الأصل: "وجب"، و"شبب" يعدى بالتضعيف. (مصباح).