للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ارتفاقهم بالشارع: فمن بنى جداراً على ملكه، وأمال طرفَه إلى الشارع، فالطرف الممال بمثابة الجناح.

ولو بناه غير مائل، فمال وسقط من غير استمكان من الاستدراك، فلا ضمان؛ فإن [الباني] (١) تصرف في ملكه على الاعتياد.

وإن بنى الجدار مستوياً، فمال وأمكن تقويم الجدار؛ فإنه [إن] (٢) بقي مائلاً زمناً، ولم يتفق تقويمه ولا نقضه حتى تهدّم [وخرّ] (٣) ملقى، ففي وجوب الضمان على صاحب الجدار وجهان: أصحهما - وهو الذي يدل عليه ظواهر النصوص أن الضمان لا يجب؛ نظراً إلى أصل البناء، فإنه كان ارتفاقاً بالملك على ما يجب. ومن أصحابنا من قال: يجب الضمان؛ لأنه كما (٤) [مال أمكن] (٥) استدراكه، [وإن] (٦) كان في حكم ما يبني كذلك، وقد ذكرنا أنه لو بُني مائلاً، كان المقدار [المائل] (٧) الشاغل لهذا الشارع بمثابة الجناح، وهذا مذهب أبي حنيفة (٨)، غيرَ أنه يُفصِّل

تفصيلاً لا يساعده عليه أصحاب هذا الوجه الثاني، ويقول: إذا أشهد على صاحب الجدار إنسانٌ شاهدين، ونبهه على صورة الحال ثم فرض السقوط بعده، وجب الضمان، وإن لم يجر إشهاد، لم يجب الضمان، وهذا لا يصير إليه أحد من أئمتنا.

وكنت أود لو فرق فارق بين أن يعلم صاحب الجدار، ثم يفرض انتسابه إلى [التقصير] (٩) وبين ألا يعلم، ولم أر هذا لأحد من أئمة المذهب.


(١) في الأصل: "الثاني".
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) في الأصل: "وجد".
(٤) كما: بمعنى عندما
(٥) في الأصل: "قال وأمكن".
(٦) في الأصل: "فإن".
(٧) في الأصل: "الملك".
(٨) ر. مختصرالطحاوي: ٢٥٣، مختصر اختلاف العلماء: ٥/ ١٦٨ مسألة ٢٢٧٩، و٥/ ١٦٤ مسألة ٢٢٧٧.
(٩) في الأصل: "النقص".