للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطريق المرور والطروقُ، ويغلب على المار أن يقف لانتظارٍ، أو تأمل، أو نفض ثوبه، أو [للاسترواح] (١)، فبالحري أن يكون الوقوف في حكم الجزء من المرور، فإذا كان كذلك، فلا اعتداء فيه أصلاً.

وأما القعود، فإنه يبعد أن يكون ملتحقاً بالمرور، بل هو قطع المرور، والوقوف [أناةٌ] (٢) في المشي، على أن من قال القائم كالقاعد، قال: رب مارّ يعيا ويكلّ، ويحتاج إلى انتظار، ويؤئر القعود، فمن سلك هذا المسلك ألحق القعود بحاجات المرور.

وإنما قدمنا جميع ذلك لغرض، وهو أن من نصب حجراً، فتعقّل به إنسان من المارة، وجب الضمان على ناصب الحجر، والتعقل بالقاعد كالتعقل بالحجر، ثم لا خلاف أن نصب الحجر [مُضمِّنٌ] (٣) وفي القعود التردد الذي ذكرناه، والسبب فيه أن القعود مما يطرى على المارة، ونصب الحجر لا تعلق له بأغراض المرور والطروق.

١٠٨٢٥ - ثم إنا نندفع بعد هذا في تفاصيل أسباب الضمان، وتقديم البعض منها على البعض، والتسوية بين ما يجب فيه التسوية، فلو احتفر إنسان بئراً في محل عدوان، ونصب ناصب على شفير البئر حجراً، فتعقل المارّ بالحجر، وتردّى في البئر، فقد أجمع الأصحاب على أن الضمان على صاحب الحجر؛ فإنه سبب دفعه إلى البئر، والسبب كالمباشرة، فنجعل كأن مباشرَ نَصْبِ الحجر [باشر] (٤) دفعَه، ولو فرض ذلك، لكان الضمان على الدافع، وإن كان الهلاك لا يحصل لولا البئر، [ودَفْعُ] (٥) الدافع، فإن البئر يصير بمثابة الآلة [يصادفها] (٦) مباشر القتل، [فيقتل


(١) مكان كلمةغير مقروءة. وأخذنا ما أثبتناه من كلام الإمام في المسألة نفسها، عندما عرض لها قبلُ، كما أشار إلى ذلك هنا.
(٢) في الأصل: "إياه". والمثبت من لفظ الغزالي في البسيط.
(٣) في الأصل: "متضمن".
(٤) في الأصل: "مباشر".
(٥) في الأصل: "فدفع".
(٦) في الأصل: "يصادمها".