للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٠٨٢٣ - قال الشافعي: "إذا صدم الماشي واقفاً، فمات الصادم والمصدوم، فالصادم ضامن لدية المصدوم" (١) وهو في نفسه [هدرٌ] (٢) في حق المصدوم، ولسنا نعني بإضافة الضمان إلى الصادم الضرب على ماله، وإنما نعني ارتباط الضمان بعاقلته، ولكن التحفظ عسر في أثناء الكلام، وقال الشافعي: "لو تعثر ماشٍ بقاعد على الطريق فدية الصادم على عاقلة القاعد والقاعد المصدوم هدر" وقد قدمنا اختلاف أصحابنا في ذلك، وذكرنا أن منهم من نقل وخرّج وأجرى في المسألتين قولين: أحدهما - أن الضمان على الصادم منهما، والثاني - أن الضمان على المصدوم منهما على التأويل الذي ذكرناه في إضافة الضمان. ومن أصحابنا من أقر النصين قرارهما، وفرق [بين حالين] (٣) كما سنعيد على حسب حاجتنا في هذا الفصل.

وذكر صاحب التقريب قولاً ثالثاً في أنه يجب تمام دية الصادم، وتمام دية المصدوم، ولم يصر أحد إلى تنزيلهما منزلة المصطدمَيْن؛ فإن المصطدمين مشتركان في فعلين [متماثلين] (٤)، وهذا متحقق في الصادم والمصدوم في مسألتنا، وكان هذا القائل (٥) يجعل الصادم متعدياً على نوعٍ، ويجعل المصدوم متعدياً على نوع آخر، ولم يجعل النوعين بحيث يتحقق الاشتراك بهما، وهذا على بُعده لطيف المأخذ، ولم يصر أحد من الأصحاب إلى تنزيلهما منزلة المصطدمين.

١٠٨٢٤ - فإذا تجدد العهد بهذه المسألة؛ فإنا نقول بعدها: الظاهر في قانون المذهب الفرق بين أن يكون المصدوم قائماً أو قاعداً، وكيف لا نقول هذا، والنص مصرح بهذا، والنقلُ والتخريج عندي تكلف، وسبب الفرق أن المنفعة المقصودة في


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٣٨. هذا. والمذكور هنا معنى العبارة، وإلا، فلفظها في المختصر: " إذا كان أحدهما واقفاً، فصدمه الآخر، فماتا، فالصادم در، ودية صاحبه على عاقلة الصادم " ا. هـ.
(٢) في الأصل: "ملكه".
(٣) زيادة من المحقق.
(٤) في الأصل: "بمالكين".
(٥) أي القائل بوجوب تمام دية الصادم، وتمام دية المصدوم.