للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكرير الأيمان على الصدق لا يضر، وإن فرض ردٌّ، فاليمين الواحدة في معنى الأيمان.

١٠٨٩٥ - والذي أراه في هذا -وفيه تحقيق واضح يستدعي تقديم مقدمة- وهو أن المدعى عليه في سائر الخصومات إذا ظهر نكوله عن اليمين، فاليمين مردودة على المدعي، ولو أظهر النكول، ثم رغب في اليمين -قبل اتفاق الرد- لم نبال برغبته، وسيأتي معنى ظهور النكول في موضعه، إن شاء الله، فإن رددنا اليمين، وأظهر المدعي النكولَ عن يمين الرد، ثم رغب فيها، فهل نحلّفه؟ فيه اختلاف بين الأئمة.

والضابط الذي تمس الحاجة إلى ذكره أن كل نكول يتعلق به حق حلف حالف بعد النكول، فذلك النكول إذا ظهر، فلا عوْد من الناكل، وكل يمين لا يمين بعدها في مراتب الخصومات، فالنكول عنها هل يُبطل حقَّ الناكل؟ فيه خلاف.

١٠٨٩٦ - عدنا إلى غرضنا من المسألة فنقول: تُعدّ أيمان القسامة يمين المدّعي [فإذا نكل عنها، رُدت إلى] (١) المدعى عليه، فينفذ حكمُ النكول عن أيمان القسامة [بتحليف] (٢) المدعى عليه، وإذا نكل المدعى عليه، فترتيب الخصومة يقتضي أن يكون بعد نكوله ردٌّ، فهل نعود للمدعي وقد جرى [منه] (٣) النكول أولاً؟ والردُّ آخراً إلى من ترد عليه اليمين فينكل، ثم يحلف، والسر فيه أن الشرع لما حلَّف المدعي، فكأنه ردّ اليمين عليه، ولكنه يحمل نكوله [لحق] (٤) حلف المدعى عليه، فإذا أسقط المدعى عليه حقَّه، فهل يعود إلى حقه؟ فيه الخلاف الذي قدمته، ولولا هذا، لما استقام إلى اليمين بعد النكول عنها.

ولو ادعى القتلَ حيث لا لوث، ونكل المدعى عليه عن اليمين، وعرضنا اليمين على المدعي، فنكل عن يمين الرد، ثم ظهر اللوث، فهل له أن يحلف يمين الابتداء؟ ذكر الأصحاب في ذلك قولين، ووجهوهما على ما تقدم.


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: " كتحليف ".
(٣) في الأصل: " من ".
(٤) في الأصل: " بحق ".