للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٠٨٩٩ - ونعود إلى تفريع الخلاف في الدم، فنقول: إذا أبطلنا الدعوى، فلا كلام، وإن جوزنا تحليفهم واحداً واحداً، فإن حلف الكل، انتهت الخصومة من هذه الجهة، وإن حلف الكل إلا واحداً منهم، فقد أطلق الأصحاب القول بأن للولي إظهار اللوث (١)، ولو أراد المدعي أن يقسم على [الناكل] (٢)، أقسم عليه، وليس هذا [ردّاً لليمين؛ حتى يجيء القولان في تعديد يمين الرد] (٣)، لأن يمين الرد إنما تفرض في الدعوى الجازمة، إذا توجهت على المدعى عليه، وهذا المعنى [مفقود] (٤) في هذه الصورة.

ولو نكلوا من عند آخرهم، فلا يتبين اللوث في حق المدعي؛ فإنه ذكر أن القاتل واحد منهم، وقد استوَوْا في النكول، فإن ظهر عنده على الاختصاص لوثٌ في حق واحد، وعجز عن إظهاره في مجلس الحكم، فله أن يقسم بأن النكول الصادر منهم لوث في حق الجميع، وإذا ظهر لوث في حق [جمع] (٥)، فلا نشترط ظهورَه في حق من يعينه المدعي، وهذا فيه احتمال (٦)، لأنه في الابتداء أبهم الدعوى، ولم يظهر ما يوجب تعيّن واحد منهم للاختصاص بلوث، ولا يبعد أن يقال: ليس له أن يقسم على واحد منهم، ما لم يُظهر عند القاضي لوثاً مختصاً به، وليس كما لو عين المدعى عليه ابتداء، وكان اللوث شاملاً للجميع. وهذا الذي ذكرناه فيه إذا تعيّن عنده لوث في حق واحد، وقد نكلوا، فماذا يفعل هذا المدعي؟

فإن قلنا: لا يقسم المدعي، فلا فائدة في عرض الأيمان عليهم؛ فإنهم


(١) أي أن نكوله عن اليمين يعتبر لوثاً في حقه.
(٢) في الأصل: " المأكل ".
(٣) عبارة الأصل: " ردّ اليمين وحق القولان في تعين اليمين الرد " والمثبت تقدير من المحقق.
هذا. ومعنى مجيء القولين في تعدد يمين الرد، أن المدعى عليه إذا نكل عن أيمان القسامة، فردت على المدعي فهل ترد يميناً واحدة، أم متعددة، وإنما القطع هنا بتعدد اليمين.
(٤) في الأصل: " معقود ".
(٥) في الأصل: " جميع ".
(٦) قال النووي: " ولو نكل الجميع، ثم عين الولي أحدهم، وقال: قد بان لي أنه القاتل، وأراد أن يقسم عليه، مُكّن منه على الأصح " (ر. الروضة: ١٠/ ١٢).