للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشرفاً على الهلاك، فقال: خذوا فلاناً بدمي، فإنه قاتلي. قال: يقبل قوله، ويؤخذ ذلك الشخص بقوله، ونحكم عليه بالدم، فإنه لا يكذب في هذه الحالة.

وهذا كلام عري عن الإحاطة بقواعد الشرع " فإن الكذب ممكن، والحكم على الغير بالدعوى المجردة محال، ولو كان يقول: هذا لوث، فيقسم الولي، لكان أمثل، على أنه لو قُتل به، فهو باطل، [فإن اللوث لا يثبت] (١) بالدعوى (٢).

١٠٩٠٥ - ثم قال: " ولورثة القتيل أن يقسموا وإن كانوا غُيّباً ... إلى آخره " (٣).

إذا كان الولي المقسم غائباً، ثم حضر وأراد أن يقسم عند ظهور اللوث، فله ذلك " لأن معتمده اللوث، ولا يشترط أن يكون [فرعاً] (٤) من القتيل، وإذا كان كذلك، فقد يثبت عنده بقول الأثبات والثقات ما يقسم عليه، أو باعتراف القاتل، وغيرِ ذلك من الوجوه، وفي كلام الأصحاب ما يدل على أن المقسم لا يكتفي باللوث الذي يكتفي القاضي به، بل ينبغي أن يعتمد أمراً أقوى من اللوث.

ثم الذي يمكن ضبط هذا الكلام به أن يثبت عنده ما لو كان قاضياً، لقضى بالقتل به، وهذا إقرارٌ أو قولُ عدلين، ولا يشترط مقامُ الشهادة، فإن الشهادة لا تقوم إلا في مجلس القاضي، ولا يشترط لفظُ الشهادة أيضاً، [وإن] (٥) كنا قد نشترط لفظ الشهادة


=٣/ ١٣٤٧، القوانين الفقهية: ٣٤٣، حاشية الدسوقي: ٤/ ٢٨٨.
(١) في الأصل: " وإن اللوث يثبث بالدعوى ".
(٢) المعنى: إن اللوث لا يثبت بالدعوى -عندنا- وعبر الغزالي عن ذلك قائلاً: " لو عاش الجريح زماناً، وقال: قتلني فلان، لم يكن لوثاً، لأنه صاحب حق، فلا معتبر بقوله، بل قوله كقول المدعي الوارث، خلافاً لمالك رحمه الله، فإنه جعل ذلك لوثاً " (ر. البسيط: ٥/ ٩٧ شمال)، وأما النووي، فقد قال: " ولو قال المجروح: جرحني فلان، أو قتلني، أو دمي عنده، فليس بلوث؛ لأنه مدّعٍ " (ر. الروضة: ١٠/ ١١).
ومعنى هذا الكلام مع الذي قبله: أن مالكاً لو جعله لوثاً، لكان أمثل، ومع ذلك، فهذا اللوث لا يقتل به، أي لا يثبت به القود، خروجاً من عهدة الخلاف، فهو غير ثابت عندنا، كما أكدنا ذلك آنفاً.
(٣) ر. المختصر: ٥/ ١٤٨.
(٤) في الأصل: " ورعاً ".
(٥) في الأصل: " فإن ".