للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن الجرح متفق عليه (١)، وليس المدعي يدعي غيرَه، ويدعي إفضاء الجرح إلى الموت، وقصر الزمان وطوله لا يختلف بقيام اللوث، فلو قال عدل واحد: مات على قرب من الزمان، [ثبت] (٢) اللوث في موضعه، ولا يثبت قرب الزمان إذا قلنا: القول قول من يدعي التراخي، فلا وجه لهذا التفصيل كيف فرض، والوجه إجراء الخلاف من غير تفصيل.

وهذا الذي ذكروه طرفٌ من اختلاف الجاني والمجني عليه في هذه الأنواع، وقد مضت هذه الفصول مستقصاة في موضعها على أبلغ وجه في البيان، فلا حاجة إلى الإعادة.

فصل

١٠٩٠٩ - إذا ادعى رجل على رجل أنه انفرد بقتل أبي في الوقت الفلاني، فأقام المدعى عليه بينة أنه كان غائباً في ذلك الوقت، اندفعت الدعوى عنه، فلو أقر أحدٌ: بأني كنت شريكه في القتل، أو قال: أنا كنت المنفرد بقتله دون من ادعى عليه، فلو أن المدعي صدق هذا المقِرّ، وأراد مؤاخذته، بإقراره، وزعم أنه غلط في دعواه الأولى، فهذا ينبغي أن يدرج في تمهيد قاعدةٍ، فنقول: إن ادعى عليه أنه منفرد بالقتل، ثم ادعى مشاركةً أو انفراداً على خلاف دعواه الأولى، فالدعوة الثانية مردودة.

ولو أقر شخص بما يخالف الدعوى الأولى، فصدَّقه المدعي ونسب نفسه إلى الزلل أو تعمد الكذب، فالمذهب أن له مؤاخذة المقر؛ فإنهما اجتمعا على التصادق، وكذبه ليس أمراً بدعاً.

ومن أصحابنا من قال: ليس له مطالبة المقر؛ لأن دعواه إقرار منه ببراءة هذا المقر، فنؤاخذه بموجب قوله الأول، وسيأتي استقصاء ذلك في الدعاوى والبينات، إن شاء الله عز وجل.


(١) المعنى أن الجرح متفق عليه ومعترف به، ولا يدّعي المدعي غير السراية، وإفضاء الجرح إلى الموت، فأي لوث هنا؟
(٢) في الأصل: " فسد ".