للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: لو أوصى رجل لرجل بعين من أعيان ماله، ثم مات الموصي، وادعى مدَّعٍ استحقاقاً في العين الموصى بها، فهل يحلف الوارث لتنفيذ الوصية، أم كيف السبيل فيه؟ قلنا: هذا فيه تردد، وفضل نظر: يجوز أن يقال: الوارث يحلف حتى إذا انتهت [الخصومة] (١)، [استُحقّت] (٢) الوصية.

ويتجه أن يقال: إذا قبل الموصى له الوصية، ثم ظهرت الدعوى، [فالخصومة] (٣) تتعلق بالموصى له؛ فإنه مَلَك العين، واستبدَّ بها في ظاهر الحال، فيتعلق النزاع به، وتتوجه الدعوى عليه، وليس كصورة القسامة [، فإنها] (٤) من خواص القتل (٥)، وحقها أن تستند إلى القتل، ولا ترتبط [دعوى] (٦) [الاستحقاق] (٧) إلى ما تقدم، فيحمل الأمر على الحال، وهذا فقيهٌ حسن (٨).

وإذا قلنا: تتعلق الخصومة بالموصى له بعد القبول، فيتردد الرأي في تعلق الخصومة بالورثة قبل القبول. وهذا الآن يُحوج إلى مزيد نظر، وستأتي الدعاوى في


(١) في الأصل: " الوصية ".
(٢) في الأصل: " استمرت ".
(٣) في الأصل: " بالخصومة ".
(٤) زيادة اقتضاها السياق.
(٥) الكلام ما زال في صورة أم الولد، وهل تقسم، ولذا فقوله: " وتتوجه الدعوى عليه، وليس كصورة القسامة ... إلخ " معناه أن الموصى له هنا تتوجه الدعوى عليه، وتتعلق الخصومة به عندما يدعي مدعٍ حقّاً في العين الموصى بها له، وهذا بخلاف أم الولد الموصى لها فلا تتوجه الدعوى عليها، ولا تُقسم أيمان القسامة؛ لأن حقها يستند إلى القتل، فما لم يثبت القتل، لا تثبت القيمة الموصى بها، فكيف تقسم ولم يثبت لها ملك في القيمة بعدُ، بل لم تثبت القيمة نفسُها.
(٦) زيادة اقتضاها السياق، والمراد دعوى من ادعى استحقاق العين الموصى بها.
(٧) في الاستناد.
(٨) وجه الفقه والحُسن هو إدراك الفرق بين الصورتين، ففي الصورة الأولى تعلق ملك الموصى له (أم الولد) بقيمة العبد القتيل، وهي لم تثبت بعد، وأم الولد ليست خليفة الميت الموصي حتى تقوم مقامه في أيمان القسامة.
أما في الصورة الثانية، فيتعلق ملك الموصى له بعين قائمة مملوكة ملكاً حالاًّ، فتكون الدعوى موجهة عليه، فهو الذي يقسم إذاً، وليس الورثة.