للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مضطرباً، فإن الذي على الورثة ألا يمنعوا ولا يمتنعوا، فأما أن يسعَوْا ويبذلوا من عند أنفسهم أمراً بالتنفيذ، فهذا غير محتومٍ عليهم.

١٠٩١٧ - ثم قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو لم يقسم الورثة، لم يكن لهم ولا لها شيء إلا أيمان المدعى عليهم " (١) هذا لفظ الشافعي مست الحاجة إلى إيراده لتعلق الأصحاب به لاستتمام الكلام في المسألة: فإذا لم يقسم الورثة، وقلنا: لا تقسم أم الولد، أو قلنا إنها تقسم، فمن الذي يوجه اليمين على المدعى عليه، ويثبت له حق الانتصاب في مقام الدعوى والطلب؛ فإن القسامة وإن لم تجر، فالخصومة لا تتعطل؟ ظاهر النص أن لأم الولد الطلبُ، وللورثة الطلب، ونصُّ الشافعي في صدر الفصل يدل على أن أم الولد لا تقسم، وإن نكل الورثة عن القسامة، فليفهم الطالب هذين من كلام الشافعي.

١٠٩١٨ - وإذا ثبت هذا، عدنا إلى تصرف الأصحاب في الدعوى وتوجيه الطلب، قال طوائف من المحققين: الدعوى وتوجيه اليمين على المدعى عليه مأخوذ من القسامة، وقد قلنا: للورثة أن يقسموا، فلهم أن يطلبوا اليمين من المدعى عليه؛ فإنهم إذا تسلطوا على أيمان القسامة للعلّة التي ذكرناها، فلهم حق الدعوى وطلب اليمين لتلك العلة، هذا قولنا في الورثة.

فأما أم الولد، فإن قلنا: إنها تقسم لو نكل الورثة، فيثبت لها حق الدعوى والطلب، [وإن] (٢) قلنا: إنها لا تقسم، فليس لها حق طلب اليمين؛ فإن طلب اليمين إنما يثبت لمن نحلِّفه يمينَ الرد لو فرض نكول المطالَب، فإن قلنا: أم الولد لا تحلف، لم يكن لطلبها اليمين معنىً، فإنها لو طلبت، لنكل الخصم، ثم لا يُقضى بالنكول، ولا ترد اليمين.

وإن قلنا: اليمين مردودة عليها، فينبغي أن تكون من أهل أيمان القسامة أيضاً.

هذا مسلك الأصحاب.


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٤٨.
(٢) في الأصل: " فإن ".