للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسلك الحق عندنا أنه يثبت حق الطلب لأم الولد، وهذا نصّ الشافعي، فإنه قال: " ليس لها ولا لهم إلا أيمان المدعى عليهم " وقد ذكرنا أن النص دال على أن أم الولد لا تقسم، فاقتضى مجموع ذلك أنها وإن كانت لا تقسم، فلها طلب اليمين من المدعى عليه، وتعليل ذلك من جهة المعنى أن القسامة مقصودها إثبات القتل، وهي من خواص القتل لا يثبت بها غيره، وأما إذا استقر الملك في القيمة، فادعته أم الولد بعد قبول الوصية، فإنما تدعي ملكاً لها محققاً، ولا حاجة في تجويز الدعوى إلى إثبات جهة الاستحقاق، ثم الوجه إذا جوزنا لها أن تحلّف المدعى عليه أن تردّ اليمين عليها إذا نكل المدعى عليه، وليس تحليفها يمين الرد بمثابة أيمان القسامة؛ لما أشرنا إليه من أن القسامة لا تُثبت إلا القتل، ويمين الرد يثبت الملك الناجز من غير حاجة إلى الالتفات على سابق.

والذي يكشف الحق فيه أن الدعوى في الملك تُسمع مطلقة، ودعوى [الدم] (١) لا تسمع مع أيمان القسامة مطلقة، بل يجب التعرض في أيمان القسامة [للتفصيل] (٢)، وإذاً الصحيحُ عندنا أن أم الولد تطلب يمين المدعى عليه، وإذا نكل، ردت اليمين [عليها] (٣) ولا تعلق لهذا بالقسامة؛ فإن أيمان القسامة من خصائص القتل، وطلب يمين المدعى عليه والإقدام على يمين الرد بعد نكوله من أحكام الخصومات المتعلقة بالملك الناجز وهي المالك للقيمة.

ثم من تمام الكلام في هذا أن من بنى حق طلبها على أنها تقسم، لزمه أن يقول: إنما تدعي المستولدة وتطلب اليمين إذا لم يطلب الورثة، حتى يترتب طلبها على تركهم، كما أنها لا تحلف أيمان القسامة ابتداء، وإنما تحلف إذا نكل الورثة، هذا لابد منه.

وإذا قلنا: لها حق الطلب، وإن كانت لا تقسم، وهي الطريقة المرضية، فتبتدىء


(١) في الأصل غير مقروءة، والمثبت من لفظ الغزالي في البسيط.
(٢) في الأصل: " للقتل ". والمثبت من عبارة الغزالي في البسيط.
(٣) في الأصل: " عليهما ".