ولو قالا: ضربه بسيف وأنهر الدمَ، واقتصرا على ذلك، لم يثبت القتل بهذا، وتعليله بيّن، فإنهما لم يتعرضا للقتل، ولا لما يحصل به القتل لا محالة.
ولو قالا: نشهد أنه ضربه بالسيف، فمات، أو قالا: ضربه بالسيف فمات، فالذي قطع به أهل التحقيق أنه لا يثبت بهذا شيء، فإنهما ذكرا الضرب بالسيف والموت ولم يتعرضا لحصول القتل به. وفي طريق العراقيين ما يدل على أن القتل يثبت إذا قالا: نشهد أنه ضربه بالسيف، فمات، وهذا -إن لم يكن خلل في النسخة- غلطٌ منهم ظاهرٌ، غير معتد به.
ولو قالا: ضربه بالسيف وأنهر دمه ومات مكانه بتلك الجراحة، أو قالا: مات بعده من تلك الجراحة، فيثبت القتل حينئذ.
١٠٩٧١ - ومما يتعلق بهذا الموقف أنه هل يجوز تحمل الشهادة على القتل إذا نظر الناظر، فرأى سيفاً يقع بشخص، وينهر الدمَ منه، ثم يراه ميتاً على الاتصال، فهل له أن يشهد والحالة هذه على القتل؟ هذا مما يجب إنعام النظر فيه، فنقول: لا خلاف أنه لو فرضت الجناية واتصال الموت بها على الوجه الذي وصفناه، وفرض تنازع الجاني وولي المجني عليه، فقال ولي المجني عليه: حصل الموت بالجناية، وقال الجاني: بل مات فجأة بسببٍ هجم عليه، فالقول قول ولي المجني عليه.
وهل يجوز تحمل الشهادة على القتل ثم نجعل فيه القولَ قولَ من يدعي القتل مع يمينه؟ الرأي أن نقول: إن انضم إلى ذلك دركٌ متلقّىً من قرائنَ تفيد العلم، فيجوز الشهادة على القتل، وإن لم يجد الشاهد إلا ظهورَ الجرح، وإنهارَ الدم واتصالَ الموت، فهذا عندي بمثابة الشهادة على الملك تعويلاً على اليد في أصل الوضع، وفي جواز الشهادة على الملك لمجرد اليد كلامٌ، سيأتي في الدعاوى، إن شاء الله عز وجل.
والوجه عندي -وإن كانت مسألة الجرح في الصورة كمسألة اليد- ألا يتحمل الشهادة على القتل؛ فإن معاينة القتل ممكنة وتلقِّي (١) العلم من قرائن الأحوال ليس