للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تنفذ أحكامهم؛ فإن عماد البغي التأويل، وكأنهم إلى أن يُكشف الحق لهم معذورون [فيما] (١) أضمروه من التأويل، وليس هذا الطرف مضطرب (٢) الفقهاء، فإنا إذا فرضنا خلوّ ناحية عن نظر الإمام بسبب [استيلاء] (٣) أصحاب العُدَد، فلو عطلنا أحكامهم، لتفاقم الضرر، وهذا في القطر بمثابة ما لو خلا العصر عن صالحٍ للإمامة، وقد مهدنا أصول ذلك في المجموع الملقب (بالغياثي).

فأما إذا لم ينصبوا إماماً، فقد أشرنا إلى ما فيه مقنع في هذا الطرف.

فهذا بيان أحكام الذين لا يستجمعون الشرائط المعتبرة في أهل البغي.

١٠٩٩٧ - ثم نذكر بعد هذا تمهيد القول في الذين يقاتلهم الإمام من طوائف المسلمين، أما أهل البغي، فإنه يقاتلهم على تدريجٍ نَصفُه، فالوجه أن يبعث إليهم عاقلاً فطناً رقيقاً، ويقول لهم عن الإمام: ماذا ينقمون؟ فإن ذكروا مظلمةً ردّها، ولا يألوهم نصحاً، ويقول: عودوا إلى الطاعة، تكن كلمتكم وكلمة أهل الدين واحدة، فإن فاؤوا، فذاك، وإلا آذنهم بقتال، ولا يحل له أن يَبْغَتَهم به، لما سنصفه.

وهذا الترتيب بيّن في قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى} [الحجرات: ٩] والمراد إن طلبت مزيداً بعد وضوح حجة الله، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، على ما سيأتي الشرح في دفع الصائل، في بابٍ، إن شاء الله، ومن آثار قتال الدفع (٤) الاقتصارُ على الأدنى (٥) فالأدنى، فإذا أمكن الدفع بالقول، فلا معدل عنه، وإذا أمكن الدفع باليد من غير شهر السلاح، فيجب الاقتصار على الأقل.

وظاهر هذا قد يخيّل إلى المبتدي أنا لا نسير لهم، وليس كذلك؛ فإن الإمام إذا


(١) في الأصل: " ما ".
(٢) ت ٤: " من مضطرب ".
(٣) في الأصل: " أثبته ".

(٤) في هامش الأصل: " قتال دفع الصائل ". في نسخة أخرى.
(٥) ت ٤: " الأخرى ".