للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرتزقة إذا فرقها والي البغاةِ على جنود أهل البغي، فقد اختلف العلماء فيه، وللفقهاء تحويمٌ على هذا التردد، فقال قائلون: لا تقع تلك الأموال موقعها؛ فإنا لو حكمنا بوقوعها الموقع، لكان ذلك إعانة على البغي، وتمهيداً للاستعداد لمخالفة الإمام.

ومنهم من قال: إنها تقع الموقع؛ فإنهم جنود الإسلام، ولو ثارت طائفة من بلاد الكفر، لطاروا إليها، والرعب (١) منهم قائم في نفوس الكفار. وهذا في نهاية الاحتمال [وقرّب] (٢) بعضُ المحققين القول فيما يتلفونه (٣) على أنفسهم على ترتيب صرف المال إلى المرتزقة من القول فيما يتلفون على الإمام [وجنده] (٤) في الحروب، فإنا بإسقاط الغرم [عنهم] (٥) في حكم [من] (٦) يقرّرهم على ما هم فيه، ويخفف عنهم عناء المغارم. فهذه جمل من أحكامهم.

١٠٩٩٦ - ثم إنا نذكر بعد ذلك [بيان] (٧) ثبوت هذه الأحكام وانتفائها إذا اختل شرط من الشرائط المعتبرة، فنقول: إذا تمسك قوم بتأويل ولا نجدة لهم، فلا يثبت لهم القتال بالأمور التي ذكرناها أصلاً. نعم، لو كان منهم من يصلح لأن يحكم فحكّموه، فهذا مما اختلف القول فيه، وهو جارٍ في آحاد المسلمين الذين هم تحت الطاعة، والفقه فيه إذا لم يكن لهم نجدة، فالطاعة مستمرة عليهم، وما يبدونه إذا استخلَوْا بأنفسهم هذيان [يُعزَّرون] (٨) عليه.

وغرضنا الآن أن نبين انتفاء الأحكام عنهم وسنذكر ما يتصل بهم من رأي الإمام.

فأما إذا عظمت الشوكة، ولم يكن لهم تأويل أصلاً، فالذي أطلقه الفقهاء أنه


(١) (ت ٤): " والركب ".
(٢) في الأصل: " وخرّج ".
(٣) يتلفونه: أي ينفقونه. كما هو في (ت ٤).
(٤) في الأصل: " وحده ".
(٥) في النسختين: " منهم ".
(٦) زيادة من (ت ٤).
(٧) في الأصل: " أن ".
(٨) في الأصل: " يصفعون "، وفي (ت ٤): " يصيعون " (كذا بهذا الرسم والنقط)، والمثبت تصرف من المحقق على ضوء كلام الرافعي في مثل هذه المسألة.