للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التهمة، والتهمة تأتي من ناحية ارتكاب محظور العقيدة (١).

وأما تنفيذ قضاء قاضيهم، فليس فيه كبير متعلّق؛ فإنا في الرأي الأظهر قد نصحح التحكيم من الذين هم تحت الطاعة.

والأصح القول الأول.

١٠٩٩٩ - ثم إن لم نوجب ضمان الأموال، فلا شك أنا لا نوجب القصاص لأنه أولى بالاندفاع.

وهل نوجب الكفارة على الباغي بقتل من يقتله من أهل العدل؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه لا يجب؛ طرداً للإهدار وقطْع التبعات، والوجه الثاني - أنها تجب؛ إذ هي أسرع وجوباً من القصاص والدية؛ ولذلك أوجبناها على القاتل بسهم الغرب، كما تفصّل في موضعه، وإن لم يلتزم قصاصاً ولا دية، فإن قلنا: يجب على البغاة الضمانُ فوجوب الكفارة ظاهر.

وفي القَوَد وجهان: أحدهما - لا يجب لتعرضه للسقوط بالشبهات، وما تمسكوا به من التأويل شبهة.

ثم إن أوجبنا القصاص وآل الأمر إلى المال، فالدية في مال القاتل. وإن لم نوجب القصاص لمكان التأويل، فلا شك في وجوب الدية على هذا القوله الذي نفرع عليه، والدية سبيلها سبيل دية العمد التي لا تتأجل وتتعلق بمال القاتل، أو سبيلها سبيل دية شبه العمد، حتى تتأجل وتضرب على العاقلة؟ هذا أصل مهّدته في كتاب الجراح والديات، وهو يناظر ما لو قتل الرجل إنساناً على زيّ (٢) الكفار رآه في دار الإسلام،


(١) محظور العقيدة: يُقصد به مَنْ يعتقد أنه يشهد لموافقيه، وهم الخطّابية، فمن عقيدتهم أنهم يشهدون لمن يوافقهم في العقيدة؛ اعتماداً على أن أبناء طائفتهم لا يكذبون، فهم يشهدون لموافقيهم على كل ما يدّعون. ثم معنى العبارة أن قبولنا شهادة البغاة لا يصلح دليلاً على عدم تضمينهم ما أتلفوه على أهل العدل أثناء القتال، فإن الحكم بعد التهم وقبول شهادتهم، لا يعني أنهم محقون في بغيهم ويدفع عنهم ضمان ما أتلفوه. وأخيراً أقول: إن العبارة هنا فيها شيء من الاضطراب، ولعل فيها خرماً، وما قلناه مأخوذ من كلام الرافعي. (ر. الشرح الكبير: ١١/ ٨٢).
(٢) ت ٤: " راى ".