للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وترتب على هذا الأصل أن كل من امتنع عن أداء حقٍّ إلى الإمام استيفاؤه، فالإمام يستوفيه منه، وإن لم يكن فيه امتناع (١)، حبسه وأرهقه إلى أداء الحق. وإن تجمع قوم وامتنعوا عن أداء ما إلى الإمام استيفاؤه، فالحال يُفضي إلى دعائهم إلى الطاعة، فإن أصروا، فليس إلا القتال؛ إذ لا سبيل إلى تركهم على تمردهم وتفردهم وخروجهم عن الطاعة.

وكذلك إذا توجهت تبعات وغرامات، ففُرض الامتناع.

١١٠٠١ - فالقول الضابط: أن من يمتنع عن بذل الطاعة فإن لم يكن ذا منعة، قهره السلطان وحَمَله على توفية ما عليه، فإن تجمعوا وصاروا أصحاب شوكة ومَنَعة، فلا سبيل إلى الترك. ولا طريق إلى تحصيل الطاعة إلا بالقتال، وإنما يُقاتَل أهل البغي لهذا؛ من حيث إنهم امتنعوا عن الانقياد، وأبدَوْا الاستقلال والاستبداد.

ثم لو فرض: الامتناع من أقوام، وأفضى الأمر إلى القتال، نُظر: فإن لم يكونوا أصحاب امتناع، ولكنهم استجرؤوا، واستقتلوا بلا تأويل، أو تمسكوا بتأويل، فما أتلفوه في القتال مضمون عليهم، والقصاص (٢) واجب إذا [استدّت] (٣) الطاعة، فعلى من يقتل منهم القصاص، وهذا مقطوع به في قاعدة المذهب؛ قال الشافعي رضي الله عنه: قتل ابنُ ملجم عليّاً متأولاً، فاقتُص منه، وقيل: تأويله أن امرأةً ذكرت له- تسمّى قطام- أن علياً قتل طائفة من أقربائها، ووكّلته بالاقتصاص منه وبنى عبد الرحمن [ابنُ ملجم] (٤) على مذهب مشهورٍ لأهل المدينة في أن طلب القصاص

لا يتوقف على رضا جميع الأولياء- هذا معنى تأويله.

وإن كان في الفئة الممتنعة مَنَعة، فما يتلفونه في القتال، إن كان عن تأويل، فهم بغاة، وقد مضى التفصيل فيهم، وذكرنا أن الأصح أنا نكتفي بالتأويل والمنعة، ثم من


(١) امتناع: أي منعة وشوكة وقوة.
(٢) ت ٤: " والاستقلال ".
(٣) في النسختين: " استمرّت "، والمعنى: إذا استدّت (أي استقامت) الطاعة، وتغلب عليهم جند الإمام، فيجب الاقتصاص منهم.
(٤) زيادة للإيضاح فقط.