للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإبداء شعار، فلا ينتقض العهد به على تفاصيلَ ستأتي، إن شاء الله.

فإن كان انتقاض العهد بالجهاد والخروج عن الطاعة، ونصب القتال، فالمذهب الذي عليه التعويل أنا نقاتلهم على أماكنهم، ونغنم أموالهم ونقتلهم، ولا نبلغهم مأمناً، ولا خلاف أنهم إذا استشعروا ظلال السيوف، ووقعَ الحتوف، [فطلبوا] (١) ذمةً مبتدأة، عقدناها لهم، وسنعطف على هذا القسم.

١١٠١٢ - ولو انتقض عهدهم بسبب لا يمكن نسبتهم فيه إلى قصد الهتك والتهجم على حريم الإسلام، كما سنصفه من بعدُ، إن شاء الله ولكنهم على الجملة أوصلوا أذى إلى المسلمين عن جهل؛ فإذا نفذ الحكم بانتقاض الذمة، فهل نغتالهم أو نبلغهم مأمنهم؟ فعلى قولين سيأتي ذكرهما في الجزية إن شاء الله.

ولو انتقض عهدهم -على مذهبٍ - بسببِ عظائمَ صدرت منهم في آحاد المسلمين، فلا خلاف أن موجب تلك القضية يجري عليهم، حتى إن قَتلوا، اقتصصنا منهم، وإن أتلفوا، غرّمناهم.

وكان لا يبعد من طريق القياس أن يقال: إذا حكمنا بانتقاض عهدهم، صاروا حرباً لنا، ولا حُكم على الحربي وقد حصل نقض العهد مع موجِب القصاص، ولكن أجمع الأصحاب على استيفاء حقوق المسلمين منهم، ولو لم نسلك هذا المسلك، وفرعنا على المذهب الذي انتهينا إليه، للزم ألا يستوجب ذمي قصاصاً بقتل مسلم، فإذاً إجراء الموجبات والقضايا في الجرائم من أحكام الذمة السابقة، وإن كان لا يبعد أن نبلغهم المأمن -وقد نبذوا العهد- لآثار الأمان السابق، وإجراء الأحكام -وإن انتقض العهد- من بقاء الذمة السابقة، وهذا مما يلزم، فلا سبيل إلى دفعه. نعم، لو نبذوا العهد وأظهروا الخلاف ونصبوا القتال، فصاروا (٢) حرباً لنا، ثم قتلوا، فلا قصاص حينئذ ولكن نتبعهم ونقتلهم حيث نثقفهم.


(١) في الأصل: " وطلبوا ".
(٢) ت ٤: " وصاروا ".