للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما يصدر منهم ينقسم أولاً (١) قسمين: أحدهما - أن يؤثروا الالتحاقَ بدار الحرب، ونبذَ العهد إلينا، فلهم ذلك ولا نجبرهم على الوفاء بالذمة، هذا متفق عليه، وكان من الممكن من طريق المعنى أن نقول: الذمة إذا انعقدت فكما يلزمنا إدامتها لهم واستدامتها عليهم، فيلزمهم الوفاء بها، حتى إن حاوبوا نقضها، لم يُمكَّنوا، ولكن اتفق الأئمة على أنه لا مُعتَرض عليهم إذا نبذوا العهود، وسنذكر شرّ ذلك في الجزية، إن شاء الله عز وجل.

ثم من أثر رفع الحجر عنهم ألا نغتالَهم، ولا نتعرضَ لأموالهم وذراريهم، ونبلغهَم في حكم الأمان مأمنهم، فإذا انتهَوْا إلى مكانٍ يقطنه ذوو نجدة من الكفار فتنقطع آثار الأمان حينئذ. هذا قسم.

١١٠١١ - والقسم الثاني - ألا ينقضوا العهود، ولكن يأتوا بأمرٍ يخالف العهد، وهذا ينقسم قسمين:

أحدهما - أن يخرجوا عن الطاعة، ويُبدوا صفحة الخلاف، وذلك بأن يمتنعوا عن إجراء الأحكام عليهم، ونهايتُهم في هذا أن يجتمعوا وينصبوا علينا قتالاً، ويلتحق بهذا القسم امتناعُهم عن أداء الجزية، وليس هذا من غرضنا الآن.

والطرف الذي هو مقصودنا من هذا القسم خروجُهم عن المؤالفة والاستسلام لما يجري عليهم من الأحكام، والمشاقّةُ نهايتها أن يبدوا القتال، فلا خلاف أن هذا ينقض العهد.

والقسم الثاني - جنايات عظيمة تصدر منهم متعلقةً بأهل الإسلام، كالزنا بالمسلمة، أو قتل مسلم، أو جرحه، ففي انتقاض عهدهم بصدور هذه أوجه، وغرضنا أن نذكر ما يضبطها، فإذا أتَوْا بجرائم عظيمة، ولما ينتهوا بسببها إلى سلّ اليد عن ربقة الطاعة، ولم يُبدوا امتناعاً عن إجراء الأحكام عليهم، [فهذا محل] (٢) التردد في انتقاض العهد، وما لا يبلغ هذا المبلغ من سوء أدب، وإظهار خمر، وتظاهر


(١) ساقط من (ت ٤).
(٢) في الأصل: " فهل يحلّ ". والمثبت من (ت ٤).