للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قالوا: ظننا أن الفئة المستعينة بنا هي العادلة، وقدّرنا أنهم المحقون -ومن الممكن أن يخطر ذلك لهم؛ فإن الفئة العظيمة من بغاة المسلمين على هذا العقد- فهل ينتقض عهدهم وهم على جهلهم؟ فعلى قولين: أحدهما - أنه ينتقض بصورة القتال، وهذا هو الذي وعدنا أن نذكره؛ إذ أجرينا في المقدمات إمكانَ انتقاض العهد مع التمسك بعذر، وكذلك لو قالوا: ظننا أنهم استنجدوا بنا على الكفار، وما حسبناكم مسلمين -وأمكن صدقهم- ففي انتقاض عهدهم قولان: فإن قلنا: ينتقض العهد لصورة القتال، فلو كان الإمام شرط عليهم ألا يقاتلوه، فإذا قاتلوه عن جهلٍ، فهل ينتقض عهدهم؟ فعلى وجهين: أحدهما - ينتقض؛ لأن العهد كان مشروطاً بشرط؛ فلا يبقى مع تخلف الشرط. والثاني - لا ينتقض؛ فإنّ شرطَ الانكفاف عن القتل محمول على الإقدام عليه عمداً على علم.

ولو قالوا: ظننا أن المسلمين إذا تفرقوا واستعان بنا فئة منهم على فئة، فعلينا أن نذب عن الناحية التي نحن قاطنوها، ولم نعتقدهم (١) مبطلين، فهذا الاحتمال أبعدُ؛ فإن في النفوس التمييزَ بين المحق والمبطل.

وإن [كان فئة]، (٢) لا يقاتلون، وإنما يقاتل البعض دون البعض، فإذا ذكروا مثل هذا، فالأوجه انتقاض العهد، وأجرى بعض أصحابنا القولين في الانتقاض على التفصيل الذي ذكرناه.

١١٠١٤ - ونعود الآن إلى أوائل الكلام، فنقول: إن انتقض عهدهم على علم من غير عذر، فلا خلاف أنا نقتلهم مقبلين ومدبرين، وقد ذكرنا أن القول (٣) الذي عليه التفريع أن هؤلاء يُبلغون المأمن، ثم ما أتلفوا بعد إظهار القتال لا يضمنونه، لأنهم أهل حربٍ، وقد انتقض عهدهم قبل صدور الإتلاف منهم، وإن حكمنا بانتقاض العهد في صور الجهل -حيث يقيمون عذراً- فقد ذكرنا قولين في أنهم هل يُبلغون المأمن؟


(١) ت ٤: "نعتقدكم".
(٢) في الأصل: " وإن كل فئة ".
(٣) ساقطة في (ت ٤).