للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أهل العلم فقالوا: على ابنك جلد مائة وتغريب عام. فقال صلى الله عليه وسلم: " لأقضين بينكما بكتاب الله تعالى: أما الشاء والوليدة فرَدٌّ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها " (١). وقصة ماعز مشهورة، وكذلك قصة الغامدية.

وأجمع المسلمون على أصل حدّ الزنا، وإن اختلفوا في التفاصيل.

١١٠٤٤ - نبتدىء فنقول: الزنا قسمان: زنا البكر وزناً الثيب. فزنا البكر موجَبه الجلد والتغريب، والجلد مائة والتغريب عام. وإنما يستوجب المائةَ وتغريبَ العام البالغُ العاقل الحر الذي لم يُصِب في نكاح صحيح. والتغريب من الحد، والأصل فيه الأخبار والنصوص، وليس في القرآن باتفاق علماء المعاني ما يثبت استقلالاً في بيان الحد، وإذا كان كذلك، لا يظهر منه الحكم بالاقتصار على المذكور، ويتعين الرجوع إلى بيان الرسول صلى الله عليه وسلم.

ونحن نذكر التغريب، وما يتعلق به. فالحر يُغرّب، وفي تغريب العبد قولان: أحدهما - أنه يغرب كالحر، والثاني - لا يغرب. فإن في تغريبه رفعُ يد السيد عنه، أو اضطرارُه إلى أن يتغرب معه، والعبد جليب (٢) لا يؤثر فيه التغريب.

التفريع:

١١٠٤٥ - إن حكمنا بأنه لا يغرب، فنقتصر على جلده خمسين، وإن قلنا: إنه يغرب، فللتغريب مسافة نذكرها وزمان، فأما المسافة، فالعبد فيها كالحر، وأما الزمان، فمدة تغريب الحر سنة، وفي العبد قولان: أصحهما - أنه على النصف من الحر، فنغرّبه ستة أشهر، كما أنه على النصف منه في الجلد. والقول الثاني - أنه يغرب سنة؛ فإن ما يتعلق بالمدد والطباع لا يُفرَّقُ فيه بين العبد والحر كمدة العنة والإيلاء.


(١) حديث: " أن رجلين كانا يتساوقان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " متفق عليه من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني. (البخاري: الحدود، باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس، هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به، ح ٦٨٤٢، ٦٨٤٣. مسلم: الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنا، ح ١٦٩٧، ١٦٩٨).
(٢) جليب: بمعنى مجلوب، فهو غريب لا يؤثر فيه التغريب.