للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

٦٨٢ - الترجيع مأمور به عندنا في الأذان، وهو أن يقول عقيب التكبيرات الأُوَل في صدر الأذان: أشهد أن لا إِله إِلا الله مرتين، وكذلك يقول: أشهد أن محمداً رسول الله مرتين، ولا يمد صوته، ثم يعود ويرجع إِلى سجيته في رفع الصوت، فيقول مادّاً صوته: أشهد أن لا إِله إِلا الله مرتين، وأشهد أن محمداً رسول الله مرتين.

والترجيع منصوص عليه في قصة أبي محذورة.

وأما أبو حنيفة (١) فإِنه لم ير الترجيع، وحمل حديث أبي محذورة على أن النبي عليه السلام كرر الشهادتين سرداً على أبي محذورة لتأكيد حفظه في التلقين؛ إِذْ كان صبياً، ثم لما رآه استظهرَ، أَمَرَه بأن يرجع ويمدّ صوته، فهذا طريقه.

وأما مالك (٢) فقد حكى الصيدلاني من مذْهبه أَنّهُ كان يرى الترجيع، ولا يزيد في كلمات الأذان، وكان يقول: ينبغي للمؤذن أن يقول مرة واحدة أشهد أن لا إِله إِلا الله، ثم مرة أشهد أن محمداً رسول الله، ثم يرجّع فيمد صوته، فيقول: أشهد أن لا إِله إِلا الله رافعاً صوته مرة واحدة، أشهد أن محمداً رسول الله مادّاً صوته.

وما ذكره الشافعي أقصد الطرق، ومعتمده قصة أبي محذورة، وهي مدوَّنة في الصحاح.

وما قدره أبو حنيفة من ترديد الكلام لاستمرار حفظ المتلقن غيرُ صحيح من أوجه: أحدها - أنه خصص كلمتي الشهادتين بهذا، وعُسْرُ الحفظ، والتلقين كان متوقعاً في غيرهما.

والثاني - أنه صح أن أبا محذورة كان يرجّع في أذانه طول زمانه، وهذا قاطع في أنه


(١) ر. مختصر الطحاوي: ٢٥، رؤوس المسائل: ١٣٦ مسألة: ٤٣. حاشية ابن عابدين: ١/ ٢٥٩.
(٢) ر. الإِشراف للقاضي عبد الوهاب: ١/ ٢١٥ مسألة: ١٩٣، حاشية الدسوقي: ١/ ١٩٣، جواهر الإِكليل: ١/ ٣٦.