للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمرَ بالترجيع.

والثالث -وبه يبطل مذهب مالك- أن أبا محذورة قال: "لقنني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان تسع عشرة كلمة" وأراد أصناف الكلِم في الأذان، وإِنما يبلغ هذا العدد إِذا حُسب الترجيع من الأذَان وَكُرِّرَ مرتين، [فاستدّ] (١) مذهب الشافعي على قصة أبي محذورة، وعلى ما فهمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجرى عليه وأخبر عنه.

٦٨٣ - ثم اختلف أئمتنا في أن الإِتيان بالشهادتين بالصوت الرخيم (٢) ركن لا يعتد بالأذان دونه أم لا؟ فمنهم من قال: ليس بركن للأذان، ولعله الأصح؛ فإِن مبنى الأذان على الإِسماع، والإِبلاغ، فإِذا لم يشترط ذلك في هذا، دل على أنه ليس رُكنَ الأذان.

ومنهم من قال: هو ركن الأذان، لما روي عن أبي محذورة أنه قال: "لقنني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان تسعَ عشرةَ كلمة" فَعَدَّ ما فيه الكلام من متن الأذان.

وذكر بعض المصنفين، أن التثويب على قولنا: "إِنّه مشروع" ليس ركنَ الأذان وجهاً واحداًْ، وإِنما الخلاف في الترجيع، وهذا إِن صح، فسببه أنه صح في الترجيع عَدُّه من [كلم] (٣) الأذان في قَرَن، ولم يصح مثله في التثويب، وفي التثويب عنْدي احتمال، من جهة أنه يضاهي كلم الأذان في شرع رفع الصوت به، وهو أيضاً موضوع في أثناء الأذان. والأظهر في الترجيع أنه غير معدود من أرْكان الأذان.

٦٨٤ - ومما يتم القول به في الترجيع، أن المصلي في الصلاة السِّرِّيَّة يقتصر مع سلامة حاسة السمع على إِسماعه نفسَه، والمُرَجِّعُ فيما يأتي به في صوت خفيض كيف


(١) في الأصل، وفي (ت ١): "فاستمرّ" وهو تصحيف واضح، فلا معنى لها، والصواب ما أثبتناه " فاستدّ": أي: "استقام"، وهو لفظٌ جار على لسان إمام الحرمين بكثرة [ومن عجب أن نسخة (ل) جاءتنا بالتصحيف نفسه].
(٢) الرخيم: من رخُم الصوت إذا لان وسهل، فهو رخيم. (المعجم).
(٣) زيادة من (ل).