للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حده؟ كان شيخي يقول: ينبغي أن يُسمع من بالقرب منه، أو أهل المسجد إِن كان واقفاً عليهم، وكان المسجد مقتصِدَ الخِطّة، وهذا فيه احتمال ظاهر، ويحتمل أن يكون المرجِّع كالقارىء في الصلاة السرية، ويحتمل أن يكون فيه رَافعاً صوته قليلاً، كما ذكره شيخي. وهذا ينشأ مما حكي عن مالك، كما ذَكرناه؛ إِذ عدَّ الترجيعَ من كلم الأذان، ولم يزد في الأذان، [ويشبه عندي على هذا] (١) أن يقال: يكون صوت المرجع في ترجيعه كصوت الذي يؤذن في نفسه؛ وسيأتي فصلٌ في تعليم الأذان يحوي ذلك وغيره.

ثم الذي يؤذن في نفسه لا يقتصر على إِسماعه نفسَه، كما سيأتي إِن شاء الله.

فصل

قال: "وأحب رفع الصَّوت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك" (٢).

٦٨٥ - الأذان مشروع للإِبلاغ والإِسماع، والأصل الذي ذكرناه في الأذان من اجتماع الصحابة واشتوارهم، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألقهِ إلى بلال فإنه أندى صوتاً منك" قاطعٌ في أن الغرض من الأذان الإِسماع والتنبيه على دخول المواقيت، وهذا يقتضي لا محالة رفعَ الصوت، وإِذا كان كذلك، فلو لم يرفع صوتَه بحيث يحصل الإِبلاع، فمقتضى هذا الأصل أنه لا يعتد بالأذان، وإِذا سبق الفقيه إِلى اعتقاد ذلك، ورامَ الجريانَ على مراسم هذا المذهب في محاولة هذا الضبط في مكان (٣) الانتشار، فسيطرأ عليه التشوّف إِلى ضبط أقل ما يُراعي في إِجزاء الأذان مما يتعلق برفع الصوت، وهذا يستدعي تقديمَ أصل مقصودٍ في نفسه، وبذكره ينتطم ما نريد.


(١) في الأصل: وشبه هذا عندي أن ... والمثبت عبارة (ت ١).
(٢) ر. المختصر: ٦٠.
(٣) ت ١: مظان. ومعنى العبارة: أن محاولة الضبط في موضع الانتشار، أي تشعب الآراء، وتعدد الأقوال ستؤدي إلى التطلع إلى ضبطِ أقل ما يجزىء من رفع الصوت.