للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنقول: إِذا كان في المسجد مؤذن راتب، فأذن، وحضر من الجمع من حضر، فلا شك أن الذين حضروا يكتفون بالأذان الراتب، والإِقامة الراتبة، ولا يؤذن واحد منهم.

ولو صلى الناس في الجَمْع الأول، ثم حضر جمع آخر، وأرادوا عقد جماعة في ذلك المسجد بعينه، فقد قال صاحب التقريب: لا ينبغي أن يؤذن مؤذنُ الجمع الثاني مع الإِسماع والإِبلاغ؛ فإِن ذلك إِن فُرِضَ، جَرَّ لبساً، وتعاقبت الأصوات، والتبس الأمرُ.

ولكن هل يؤذن مؤذنٌ في نفسهِ من غير إِبلاغٍ في رفع الصوت؟ ذَكر صاحبُ التقريب نصوصاً مضطربة في ذلك، وانتزع منها قولين: أحدهما - أنهم يكتفون بما سبق من الأذان الراتب؛ فإِنه يتضمن دعاء كل من يحضر أولاً وآخراً إِلى انقضاء الوقت، فليقع الاكتفاء به.

والقول الثاني - أنه يؤذن المؤذن في نفسه ولا يبالغ في رفع الصوت، ويقيم، فهذا على قولٍ أذان ليس فيه إِبلاغ في رفع الصوت. والقول الثاني حكاه المزني عن الشافعي في الأذان والإِقامة من غير إِبلاغ في الرفع، في المختصر الكبير.

قال صاحب التقريب: هذا فيمن يحضر المسجد الذي جرى فيه الأذان، وقد انقضى الجمع الأول، فأمَّا إِذا أذن مؤذنو المصر على مواضعهم، وبلغت أصواتُهم الناسَ في رحالهم، فأرَاد من لا يحضر المسجد أن يصلي في بيته، فهل يؤذن ويقيم؟ أم يكتفي بأذان المؤذنين في المصر؟ قال: هذا محتمل، يجوز أن يقال: يكتفي بأذان البلد، ويجوز أن يقال: يؤذن ويقيم.

٦٨٦ - وممّا نذكره مرسلاً، أن المرأة لا تؤذن رَافعةً صوتَها، ولو أذنت في جمع الرجال لا يعتدّ بأذانها وفاقاً، وذلك يناظر حكمنا بامتناع اقتداء الرجال بها، وإِن كانت صلاتها صحيحة، والقياس أن من صحت صلاتُه، صح الاقتداء به، ولكن ظاهر النص أن المرأة تقيم ولا ترفع صوتها، وكان شيخي يقطع بأن المرأة ليست مأمورة بالأذان، وهذا ما قطع به العراقيون.