للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقتضي البينة، وفيه سر، وهو أن دعوى الملك لا تستند إلى يقين، كما أن البينة لا تستند إليه، وهذا فيه احتمال ظاهر، وفي كلام الأصحاب ما يدل على التردد فيه، فإن جرينا على التخريج، فلا خفاء، وإن جرينا على النص، فيجوز أن يقال: لا يسقط القطع في هذه الصورة؛ لأن الدعوى تبطل بالبينة في وضع الخصومات، وليست البينة كاليمين يفرض من المسروق منه.

ويجوز أن يقال: يسقط القطع، لإمكان الصدق وانتصاب السارق خصماً، وإن كان مقضياً عليه، فلا فرق بين أن يقضى عليه بالبيّنة وبين أن يقضى عليه باليمين. وإذا قضينا بسقوط القطع والملك مقضي به، فهل يحلف مقيم البينة؟ فيه كلام سيأتي الشرح عليه في أدب القضاء، إن شاء الله تعالى. وليس من غرض هذا الفصل، لأن القطع ساقط كيف فرض الأمر، وهذا مقصود الباب.

١١١٤٤ - ولو قال السارق كان أباح لي أخذ ما أخذته، والتفريع على النص، فلا يحلف المغصوب منه بلا خلاف؛ لأنه [لا] (١) غرض له في نفي الإباحة باليمين؛ إذ لا يرتبط بها غرض مالي والقطع ساقط كيف فرض.

وذلك الذي أبهمنا الكلام فيه لا بد من رمز إليه الآن تفصيلاً، ثم يأتي شرحه في موضعه إيضاحاً وتقريراً: فإذا ادعى رجل على رجل عين مالٍ وأقام على ملكه وتحقيق دعواه بينة، فقال المدعى عليه: أسند الشهود شهاداتهم بظاهر (٢) الحال، ولهم ذلك، ولكن المدعي يعلم سراً أنه كاذب، فحلِّفوه، ففي التحليف على هذا الترتيب خلاف سيأتي مشروحاًْ، إن شاء الله تعالى.

وقد نجز الغرض، وكل ما ذكرناه إذا قامت البينة مترتبة على الدعوى، بأن يدعي على رجل وفي يده ثوب أنه سرقه بعينه من ملكه، وقد تفصّل المذهب في هذا الطرف.

١١١٤٥ - فأما إذا قامت بينة على أن فلاناً سرق هذا المتاع من ملك فلان،


(١) زيادة من (ت ٤).
(٢) ت ٤: " إلى ظاهر الحال ".