المؤذن، كان أمدُ الانتظار أطولَ، وعلى الجملة حدث الجنابة أشد وأغلظ، وليس الجنب أيضاً من أهل المكث في المسجد للتأذين.
والكراهية في الإِقامة أشد منها في الأذان؛ لأن المقيم إِذا كان جنباً، أو حدثاً، فهو حري بأن تفوته الجماعة أو صدْر منها.
وإِنما اختلف الأئمة في اشتراط الطهر في خُطبتي الجمعة، كما سيأتي، وإِن كانتا أذكاراً، من جهة الاختلاف في أنهما مُقامتان مقام ركعتين، وهذا قد يتطرق إِليه سؤال، كما سنذكره في موضعه. وأقرب منه التردد في اشتراط الموالاة بينها وبين افتتاح الصّلاة، وهذا يتعذر مع تخلل الطهر بينهما، وبين ابتداء الصّلاة، ولا يتحقق ما ذكرناه في الأذَان والإِقامة.
فصل
قال:"وألا يتكلم في أذانه، فإن تكلم لم يُعِد"(١).
٦٩٠ - إِذا تكلم المؤذن ولم يرفع صوته، ولم يطوِّل بحيث ينقطع وِلاءُ الأذان، لم يبطل الأذان بما جاء به وفاقاً.
والترتيب في مضمون الفصل: أنه إِن سكت سكوتاً طويلاً بحيث يظن السّامعون أنه أضرَبَ قصداً، أو نابه مانع من استتمامِه، ففي بطلانه قولان مرتبان على القولين في تفريق الطهارة. والأذانُ أولى برعاية الموالاة؛ من جهة أن المقصود منه الإِبلاغ والإِسماع، وإِذا تَبَتَّر، التبس الأمر على السامعين، وهجس لهم أن الذي جاء به لم يكن أذاناً، وكان الغرض منه تعليم الغير الأذانَ، أو ما في معنى ما ذكرناه، ولا يتحقق من الوضوء مقصود يُفرض زواله بترك الموالاة والمتابعة.
وهذا فيه إِذا ترك الموالاة في الأذان بالسكوت، فأما إِذا طوّل، وضمَّ إِليهِ الكلامَ مع رفع الصوت، فهذا يترتب على السُّكوت، وهو أوْلى بالإِبطال من جهة أنه أبلغ في إِبطال مقصود الأذان، وجَرِّ اللبس على السامعين.