للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في البينات، [والقطعُ] (١) المتعلق بالسرقة متردِّدٌ؛ من جهة أنه يتعلق بحق الله تعالى، ويتعلق بحق الآدمي، والقطع مشروع [لصون] (٢) حق الآدمي، وقد ظهر لنا تردد الأصحاب في هذا، فقال قائلون: البينة مردودة، فلا يحبس السارق إذاً. وقال آخرون: البينة مسموعة لارتباطها بحق الله تعالى وإحياء حده.

التفريع:

١١١٤٦ - إن قلنا: ترد، فمعنى ردّها أنا لا نُصغي إليها، ولا يترتب عليها حبس. وإن قلنا: هي مسموعة، فالمشهود عليه محبوس؛ لمكان الحد، وسبب الامتناع عن الإقامة توقعُ شبهةٍ تدفع [الحدَّ] (٣).

فإذا جاء المسروق منه، فادعى، فهل نشترط إعادة البيّنة في المال وثبوته؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا بد من إعادتها، والتفريع على أن شهادة الحسبة لا تثبت في الأموال. وهذا وجهُ هذا الوجه.

والوجه الثاني - لا حاجة إلى إعادة البينة لتعلقها بحق الله تعالى، وكأن (٤) حق الله تعالى أغنى ثبوتَ المال عن دعوى، وقد مهدنا [للإتباع] (٥) أمثالاً: منها - أنه لو أقر بالسرقة، ثم رجع، ففي قبول رجوعه في المال تبعاً للقطع، أو في القطع تبعاً للمال خلاف قدمنا ذكره.

وتمام البيان في هذا عندنا أنا إن قلنا: البينة لا تعاد، فيكفي أن يحضر ويدعي، وتقطع يده، وإن قلنا: تعاد البينة لإثبات الملك، فظاهر كلام المشايخ أن القطع لا يتوقف على عَوْد البينة، وهذا فيه احتمال بيّن: يجوز أن يقال: نتوقف في القطع إلى إعادة البينة.


(١) في الأصل: " فالقطع ".
(٢) في الأصل: " مصون ". والمثبت من (ت ٤).
(٣) زيادة من المحقق سقطت من النسختين.
(٤) ت ٤: " فكأن ".
(٥) زيادة من (ت ٤).
ثم المعنى: أن هذا الوجه القائل بعدم إعادة البينة للمال، لأنها تتعلق أيضاً بالقطع، وهو حق لله تعالى، وإذا كانت البينة لحق الله حسبةً، فهي مقبولة، فهنا أُتبع المالُ حقَّ الله، وثبت بشهادة الحسبة، ثم قال: وقد ذكرنا أمثالاً للإتباع ... إلخ.