للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحال، والغوث لا يلحق غالباً، وهذا معنى التصدّي للحرابة.

فإن جعلناهم محاربين، فلا كلام، وإن لم نجعلهم محاربين، فالذي يدل عليه كلام الأصحاب أنهم سراق، ولا يبعد عندنا أن يكونوا مختلسين؛ فإن السارق بناء أمره على الاختفاء وهؤلاء يجاهرون بفعلهم، يخفون أمرهم عن صاحب الأمر، والعلم عند الله تعالى.

١١١٧٤ - ومما نذكره في تتمة ذلك أنه لو ظهر جمعٌ أصحاب قوة، وصادفوا رفقة، وكانت تقاوم القطاع، [فاستبسؤوا] (١) واستسلموا حتى قُتلوا، وأخذت أموالهم، فليس هذا قطع الطريق، فإن الجمع مع الجمع إذا كانوا على حكم التقاوم والتساوي؛ فليس للقطاع والحالة هذه فضل نجدة.

وهذا يحتاج إلى فضل بيان. فإن استسلموا، ولم يدفعوا مع القدرة على الدفع فهؤلاء مُضيِّعةٌ، بلا خلاف. وهذا يقوي [ما ذكرته] (٢) في خروج الرجل الفرد على خلاف الاعتياد.

ولو اقتتلوا قاصدين [ودافعين] (٣)، ونال كل فريق من أصحابه، وكانت الفئتان على تقاوم، وقد [تشمّر] (٤) القاصدون، ولم يقصِّر الدافعون، ثم انكفوا، وقد نال كل فريق من أصحابه، فكيف الوجه؟ وهل لما أخذه القاصدون من المال حكم ما يأخذه القطاع؟ وهل يستوجبون الحد إذا قتَلوا، ولم يتبين منهم استيلاء القهر، واستعلاء الغلبة، وقد تكون الدائرة عليهم في [الأَخَرة؟] (٥).

هذا فيه تردد؛ من جهة أنهم لم يكونوا أصحاب ضعف بالإضافة إلى الرفقة،


(١) في الأصل: " فاستبسلوا " وهو عكس ما يقتضيه السياق، وفي (ت ٤): " فاستسبلوا "، ولا معنى لها. وما أثبتناه أقرب صورة تؤدي المعنى المناسب للسياق، فاستبسئوا: أي تهاونوا، واستسلموا، وخضعوا. (ر. القاموس، والمعجم، والأساس).
(٢) في الأصل: ما ذكروه. والمثبت من (ت ٤)، وهو الصواب؛ لأن هذا التوجيه انفرد به الإمام، وليس ناقلاً له عن الأصحاب.
(٣) في الأصل: " مدافعين ". والمعنى: اقتتلوا: وهؤلاء قاصدون، وهؤلاء دافعون.
(٤) في الأصل: " يشتمر ".
(٥) في الأصل: " الآخر ".