للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحرب سجال، ينال الإنسان فيها ويُنال، ويظهر (١) ألا يثبت لهم حكم قطع الطريق؛ إذ لا غلبة، ولا استيلاء، وسبيل الفئتين المتقاتلتين كسبيل رجلين يلتقيان أحدهما قاصد والثاني دافع، ولم يفرّ، والاحتمال الأول أن نقول: [هؤلاء] (٢) ممن يتأتى منهم قطع الطريق، وإنما صادمتهم هذه الرفقة المعدّة وفاقاً، وقد يلقون رفاقاً (٣) غير معدة، فالرأي أن يعاملوا معاملة أهل الحرابة. هذا تمام القول في صفة قطاع الطريق.

١١١٧٥ - ويتصل به أن النسوة إذا قطعن الطريق واستجمعن الصفات التي ذكرناها، كن بمثابة الرجال، كما أنهن إذا سرقن، فحكمهن حكم الرجال، وقال أبو حنيفة (٤) لا تستوجب المرأة حد قطاع الطريق، وزاد فقال: لو كان في قطاع الطريق امرأة، لم يجب الحد على واحد منهم، وكذلك لو كان فيهم مراهق، فقتلوا وأخذوا المال، لم يُقطع واحد منهم ولم يُقتل.

فصل

١١١٧٦ - إذا تقرر نعت قطاع الطريق، فإنا نذكر تفصيل عقوباتهم وموجِباتها، كما وعدناه، فنقول: من أخذ منهم ربعَ دينار بالمحاربة والمجاهدة -كما تقدم- قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، وكان الأخذ على سبيل المجاهدة على سبيل التضعيف، فالأخذة الواحدة تنزل منزلة سرقتين، وقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى حدٌّ واحد.


(١) ويظهر: أي يحتمل، وليس المراد هنا المصطلح الذي استقرّ عليه المذهب (الظاهر) في مقابلة الضعيف. وإنما المراد هنا مجرد (الاحتمال) وسيأتي أن الاحتمال (الأول) أي الأقوى هو المقابل لهذا.
(٢) زيادة من (ت ٤).
(٣) رفاقاً: جمع رُففة: بضم الراء وسكون الفاء، وزان: بُرْمة وبرام. (المصباح).
(٤) ما ذكره الإمام عن الأحناف رواية في المذهب نقلها صاحب المبسوط عن ابن سماعة عن محمد عن أبي حنيفة، ولكن ظاهر الرواية، واختيار الطحاوي أن النساء في قطع الطريق كالرجال.
(ر. المبسوط: ٩/ ١٩٧، مختصر الطحاوي: ٢٧٧، رؤوس المسائل: ٥٠٠ مسألة ٣٦٣، تحفة الفقهاء: ٣/ ٢٤٩، فتح القدير: ٥/ ١٨٦).