للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفريع:

١١١٨٠ - إن حكمنا بأنه يقتل مصلوباً، ففي كيفية قتله وجهان: من أصحابنا من قال: إنه يصلب حياً، ويمنع الطعام والشراب، حتى يموت جوعاً وعطشاً، وهذا مذهب بعض السلف، ولا ينبغي أن يعد هذا من متن مذهب الشافعي.

ْومن أصحابنا من قال: يقتل على الصليب بحديدة يعمد (١) بها مقتله على وجه يوحي (٢). وهذا مذهب أبي حنيفة (٣).

١١١٨١ - ثم إذا صلب قتيلاً، أو قتل مصلوباً، فكم يترك على الصليب؟ في المسألة قولان: أحدهما - أنه لا يترك أكثر من ثلاثة أيام. والثاني - أنه يترك على الصليب حتى يتهرّأ قال الصيدلاني: ويتفتت ويسيل ودكه عليه؛ مبالغة في الردع والتنكيل، والصليب اسم للودك، والاصطلاب [استخراج] (٤) الودك، ومنه قول القائل:

" وبات شيخ العيال يصطلب " (٥).

وتلك الخشبة على هيئتها سميت صليباً لسيلان الصليب عليها.

ثم قال الأصحاب: إن قلنا: لا يترك مصلوباً أكثر من ثلاثة أيام، فلو نَتُن وكان يتفاحش تغيره قبل الثلاث، فهل يُنزل من الصليب؟ فعلى وجهين. وإذا قلنا: إنه يترك حتى يسيل صديده، فقد صرح الصيدلاني بأنه يترك حتى يتساقط.


(١) ت ٤: يغمز.
(٢) يوحي: أي يسرع.
(٣) ر. المبسوط: ٩/ ١٩٦، فتح القدير: ٥/ ١٨٠.
(٤) في الأصل: (اسحرال) كذا بدون نقط.
(٥) هذا عجز بيت للكميت الأسدي، وتمامه:
واحتلّ بَرْك الشتاء منزله ... وبات شيخ العيال يصطلب
احتلّ: بمعنى حلّ. والبرك: الصدر، واستعاره للشتاء، أي جاء صدر الشتاء، ومعظمه في منزله، يصف شدة الزمان وجدبه، لأن غالب الجدب إنما يكون في زمن الشتاء. (ر. لسان العرب/مادة: ص. ل. ب).