للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد الظفر، فالغالب أنه صادر عن [ضبطٍ] (١) تحت القهر واستيلاء يد الإمام.

وهذا وإن اتجه على الوجه الذي ذكرناه، فتفريعه عسر، كما سنذكره، إن شاء الله تعالى. وهذا التفصيل يحكى عن القاضي. والأصحابُ مجمعون على أنا إذا حكمنا بأن التوبة تُسقط الحدود، فمجرد إظهارها كافٍ، وهو بمثابة إظهار الإسلام تحت ظلال السيوف.

ثم سبيل التفريع على ما ذكره القاضي أن من أظهر التوبة امتحناه سراً وعلناً، فإن ظهر الصلاح في أعماله، حكمنا بسقوط الحد، وإن بدا نقيض ذلك، فالتوبة لا تُسقط الحد.

وهذا كلام مضطرب، فإن هذا التائب إن حُبس، كان محالاً، وإن خلّي سبيله، فلا معنى لاتباعه بهناة تصدر منه، وقد [يزلّ بعضَ الزلل] (٢)، ثم [لا ندري] (٣) أن الإصلاح مرعيٌّ في قبيل من تاب عنه، أو في جميع الأحوال، ولا ضبط لهذا الكلام.

وأنا أقول: ذكر التوبة المجردة قبل الظفر يدل على سقوط الحد بها، وذكْر التوبة مع إصلاح العمل يدل على المغفرة باطناً، والحدود مقامة، والوجه تصحيح منع قبول التوبة إلا في المحاربين (٤)، وتنزيل الكلام على الآية المطلقة والمقيّدة على ما ذكرناه.


(١) في النسختين: " خبط ". ولعلها محرفة عن (ضبط) التي أثبتناها. فالضبط هو الأخْذ بالحزم والشدة والقهر. (المعجم).
(٢) في الأصل: " وقد ترك بعد الزنا " وت ٤: " وقد نزل بعض الزنا " والمثبت من تصرف المحقق على ضوء السياق.
(٣) في الأصل: ثم لا بد في أن، والمثبت من (ت ٤).
(٤) ما استقرّ عليه المذهب هو ما قاله الإمام هنا،، قوله: إن الصحيح قبول التوبة في المحاربين قبل القدرة عليهم وسقوط الحد بها، وعدم سقوط الحد بها في غير المحاربين (ر. الشرح الكبير: ١١/ ٢٥٨، والروضة: ١٠/ ١٥٨).