للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى، وإنما الغرض الآن اعتقاد الضمان حيث يجب، فإذا لم ينسب الإمامُ إلى تقصيرٍ بيّن، وإنما جدّ واجتهد، ولكنه زلّ وأخطأ، فاقتضى الشرعُ الضمانَ، نُظر: فإن كان ذلك في مالٍ، ففي تعلّق الضمان قولان: أحدهما - أنه يتعلّق بمال الإمام.

والثاني - أنه يتعلّق بمال بيت المال، يعني السهمَ المرصد للمصالح، وسنوجه القولين إذا استوعبنا الصور والتقاسيم.

فإن كان الخطأ في نفسٍ، فقولان: أحدهما - أن الدية على عاقلة الإمام، كما لو جرى منه الخطأ في أفعاله التي تخصه.

والثاني - أنها تتعلق ببيت المال.

التفريع:

١١٢١٣ - إن حكمنا بأن الدية مضروبةٌ على عاقلته الخاصة، فالكفارة في ماله؛ فإن العاقلة لا تتحمل الكفارة. وإن قلنا: الدية مضروبة على بيت المال، ففي الكفارة وجهان: أحدهما - أنها على الإمام؛ فإن التحمل لا يتطرق إلى الكفارة، ولذلك لا تتحملها العاقلة الخاصة حيث تتحمل العقل.

والثاني - أنها في بيت المال؛ فإن المعنى الذي يوجب صرفَ الدية إلى بيت المال التخفيفُ عن الإمام، وعن عاقلته، وهذا يعم الكفارة والدية.

ثم قال الأئمة: ما ذكرناه من القولين فيه إذا لم يظهر تقصير الإمام في الواقعة، فإن ظهر تقصيره، فلا خلاف أن ما يلزم لا يُضرب على بيت المال، وهذا يتبين بمثالين، فنقول: الحامل إذا زنت لا يقام الحدّ عليها، فلو أقام الإمام الحدّ على علمه بالحمل، فالغُرة إذا ألقت الجنين لا تضرب على بيت المال، بل تضرب على عاقلته الخاصة، وإنما خصصنا هذه الصورة بالذكر، لأن العمد المحض لا يتصوّر في الجناية على الجنين، ومع ذلك لم نضرب الغرة على بيت المال، وفي هذا لطيفة، وهي أن الإمام إذا أقام الحد على الحامل، فهو في الحيد عن حكم الصواب عامد، ولكنه في الجناية على الجنين على حدّ شبه العمد، وهذا التنبيه كافٍ. والمقاصد بكمالها تستوفيها الصور، ثم تضبطها التراجم على أثر الفصل.