للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توجيه القولين في الأصل:

١١٢١٤ - من قال إن خطأ الإمام في إقامة أحكام الإمامة مضروب على بيت المال احتج بأن الوقائع المرتفعة إلى الإمام لا تعد كثرةً، ولا يتصوّر أن يستقلّ الإمام بالعصمة فيها، فلو كانت الغرامات المتعلقة بما يقع من خطئه مضروبة على ماله، أو على عاقلته، لافتقر، وأفضى الأمر إلى ما لا يطاق، وهو نائبٌ عن المسلمين، فاعل عنهم، وتعلّقه بالمسلمين كافة كتعلّق الجلاّد به، ثم الضمان محطوط عن الجلاد إذا لم يصدر من جهته عدوان، فينبغي أن يُحَطَّ عن الإمام.

هذا وجهُ هذا الوجه.

ومن قال بالوجه الثاني: احتج بأنه نُصب ليكون هو الناظر، ثم هو نائب المسلمين في الصواب، وأما الجلاّد، فإنه سيف الإمام، ولا نظر له، وقد يشهد لهذا القول ما روي أن عمر بن الخطاب ذكر عنده أن امرأة من نساء الأجناد يغشاها الرجال بالليل، فأرسل إليها عمر يدعوها، وكانت ترقى في درج، ففزعت فأجهضت ذا بطنها، فاستشار عمر رضي الله عنه الصحابة رضي الله عنهم، فقال عبد الرحمن بن عوف: إنك مؤدِّب، ولا شيء عليك، فقال علي رضي الله عنه: إن اجتهد، فقد أخطأ، وإن لم يجتهد، فقد غشَّك. عليك الدية فقال: "عزمتُ عليك لتقسمها على قومك" (١) قيل: أراد بذلك عاقلة نفسه، وأضافها إلى علي إكراماً له وإعزازاً، وإعراباً عن اتحادهما. وقيل: أراد قوم علي لأنهما كانا من قريش يجتمعان في كعب بن لؤي بن غالب.

واختلف في قول علي: إن اجتهد، فقد أخطأ، فقال بعض المتكلفين: أراد بذلك الرسولَ، معناه: إن اجتهد الرسول في رعاية الوقت والمكان في تأدية الرسالة، فقد أخطأ، وإن لم يتعرض لتخيّر مكان وزمان، فقد غش. وهذا بعيد.

والصحيح: أنه أراد بما قال عبدَ الرحمن بنَ عوف. وكان قد يغلظ البعض على البعض القولَ في المناظرات.


(١) أثر عمر والمرأة التي أرسل إليها فأجهضت، سبق تخريجه في الديات.