للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١٢١٧ - فأما إذا بحث عن أحوال الشهود، ولم يظهر منه تقصير، ثم بان الشهود عبيداً، أو كفرة، أو مراهقين، فلا شك في وجوب الضمان، ثم يعود القولان في أن الضمان يتعلق بعاقلة الإمام المختصين به، أم يتعلّق ببيت المال، وقد تقدم التوجيه والتفريع.

والذي نزيده أن الأئمة قالوا: إذا جرى الغرم، ثبت الرجوع على الذين تصدَّوا للشهادة، والسبب فيه أنهم تعرّضوا لمنصب ليسوا من أهله، حتى جرّ ذلك قتلاً أو إتلافَ مال، ونحن نقول: من ليس من أهل الشهادة، وعلم ذلك من نفسه، فليس له أن يتعرّض لإقامة الشهادة، وإن كان صادقاً، فهذا سبب الرجوع، [وأشبه أصلٍ بما نحن فيه] (١) الغرم الذي يثبت على المغرور في قيمة الولد مع ثبوت حق الرجوع على الغارّ، ولعلّ الشاهد أقوى في هذا المعنى، لأنها (٢) تحمل القاضي حمل اضطرار، والمغرور مستبيح لا ضرورة به. هذا هو المذهب الظاهر.

١١٢١٨ - وذكر بعض المحققين وجهاً آخر أنه لا رجوع على الشهود، وذلك أن القاضي أُتي من تقصيرٍ خفي في البحث، فارتبط الضمان بجهته وانحصر، وليس كالغار والمغرور، وذلك أن المغرور لا يُلزمه الشرعُ بحثاً، بل له الجريان على ظاهر الحال، والشرع يُلزم القاضي التناهي في البحث، فإذا وقع ذلك، كان محمولاً على ترك البحث، فإن لم نُثبت الرجوعَ، فلا كلام.

وإن أثبتنا الرجوعَ، نُظر: فإن كان الشاهد كافراً، فالرجوع عليه بيّن، ويرجع على الكافرَيْن اللذَيْن شهدا في الحال، وإن بان الشاهدان عبدين، والتفريع على إثبات الرجوع، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن الرجوع به يتعلق بذمّة العبدين يُتبعان به إذا عَتَقا. والوجه الثاني - أن المرجوع به يتعلق برقابهم؛ فإن هذا غرمٌ يلزمهما عن جهة معاملة صَدَرُها عن رضا من له الحق، وإنما يتعلق بذمة العبد ديون المعاملات الصادرة عن رضا أصحاب الحقوق من غير إذنٍ من السيد، والشهادة بهذه المثابة.


(١) في الأصل: " وأشبه فيه أصل مما نحن فيه ".
(٢) لأنها: أي الشهادة.