للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا متجه، ولكنه غريب عديم النظير؛ من جهة أنه جناية قولية ليس فيها اضطرار محقق، وإنما الأمر مظنون.

فأما إذا بان الشاهدان مراهقين، وقد يمكن التباس ذلك -بأحوالٍ تعرض فيهما من بقول (١) الوجه، وطول القامة وغيرهما من الصفات- على القاضي، ولم يتعرض الأصحاب للمراهقَين، والمفهوم من فحوى كلامهم أن لا رجوع عليهما، إذ لا قول لهما، بخلاف الكافرَيْن، والعبدَيْن.

...

ثم قال: " ويجوز تعليق الضمان بهما، إذا قلنا: قول العبد بمثابة الجناية، فإن الجناية الحسيّة تصدر من الصبيان صُدورَها من البالغين " (٢).

١١٢١٩ - ولو بان الشاهدان فاسقَيْن، ففي انتقاض القضاء خلاف واختلاف، على ما سيأتي في الشهادات، إن شاء الله عز وجل.

فإن قلنا بانتقاض القضاء -كما إذا بان الشاهدان كافرين أو عبدين، أو مراهقين- فالقاضي يغرم إذا أضفنا الغرم إليه، ولا تقصير في الظاهر. هو إشارة منا إلى القولين في أن الغرم يختص به أو بعاقلته، أم يتعلق ببيت المال، وهل بيتُ المال له الرجوع على الفاسقين؟

فإن قلنا بالرجوع على الكافر والعبد، ففي الفاسق تفصيل. فإن كان ما رآه القاضي فسقاً مجتهداً فيه، فلا رجوع على الفاسق قولاً واحداً؛ فإنه مصر على شهادته وعلى أنه من أهل الشهادة.

ولو كان ما فُسّق به مما يوجب التفسيق وفاقاً، ففي هذا نظر: فإنا بلغنا عن مذهب أبي حنيفة (٣) أن الفاسق من أهل الشهادة، وقيل: إنه استثنى من ذلك حدّ الزنا، وقيل: إن كان فاسقاً كذوباً يغلب على القلب كذبه، فليس من أهل الشهادة. وأطلق


(١) بقل وجه الغلام بقولاً: إذا نبت شعْره (المعجم).
(٢) لم أصل لهذه العبارة في المختصر المطبوع الذي بين أيدينا. وتكرر ذلك أكثر من مرة مما يشهد بأن هناك فرقاً بين النسخة المطبوعة والنسخة التي كانت بين يدي الإمام.
(٣) ر. مختصر الطحاوي: ٣٣٥، تحفة الفقهاء: ٣/ ٣٦٣، تبيين الحقائق: ٣/ ١٩١.