للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١٢٢٣ - ثم صوّر العراقيون صورة على عكس ما تقدّم، فقالوا: لو كان الإمام لا يعتقد وجوب القصاص على الحر بقتل العبد، ولكنه أمر بقتله بغير فحصٍ وتجسيس، ولو اطلع، لمنع قتله، وكان الجلاد يعتقد أن الحرّ مقتولٌ بالعبد، فإذا قتله على موجب عقد نفسه.

قالوا: إن قلنا في المسألة الأولى: إنا نعتبر رأي الإمام، ففي هذه المسألة يجب القصاص، اعتباراً برأي الإمام، فإنه لو اعترف (١) حقيقةَ الحال، لما أمر بالقتل، والجلاّد عارف إن لم يكن الإمام عارفاً، وقد فرّط لما لم يُخبر الإمامَ، فصار كأنه قتل بنفسه من غير إذنٍ من الإمام.

وإن قلنا في المسألة المتقدمة: إن الاعتبار بعقد الجلاد، ففي هذه المسألة احتمال [عدم إيجاب القصاص] (٢) على الجلاد؛ تعويلاً على عقده، وقد وجد الأمر من الإمام على الجملة. وهذا الوجه عندي ضعيف في هذه الصورة؛ فإن الجلاد مختارٌ عالم بحقيقة الحال والإمام لو أُخبر، لما أمر، فلا يبقى لأمر الإمام هاهنا أثر الاستتباع، والسبب فيه أن الإمام لا يفوِّض إليه الاجتهاد، وإنما استعمله للعمل فحسب، فإذا امتنع عمله بعقده، واقترن بأمر الإمام جهله بحقيقة الحال، صار الجلاّد مستقلاً بالقتل.

ثم لو أَخبر الإمامُ الجلادَ بأنه ظالم، فتابعه الجلاد، فعليه الضمان (٣). وهذا على القطع فيه إذا كان الإمام مُكرِهاً، والجلاد محمولاً مكرهاً، ثم يخرج فيه تفاصيل الإكراه. فأما إذا كان الجلاد مختاراً، فلا يتوجه الضمان على الإمام قطعاً، وهذا لا خفاء به. وعلى هذا الوجه فصّله الأصحاب، والصيدلاني، وهو مما لا يتمارى فيه.


(١) اعترف القومَ استخبرهم وعرف حقيقتهم (المعجم).
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) أي على الإمام.