للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: " ولو خاف نشوز امرأته ... إلى آخره " (١).

١١٢٢٤ - للزوج تأديب زوجته إذا نشزت، والأب يؤدب ولده، والمعلّم يؤدب الصبي، ولكن هؤلاء المؤدِّبين مطالبون شرعاً بأن يقتصروا على ما يقع التأديبُ به، على شرط السلامة، وتحقيق هذا أن التأديب لو كان لا يحصل إلا بالضرب المبرِّح الذي يُخشى من مثله الهلاك، فلا يجب تحصيل التأديب، وليس هذا بمثابة عمل الأجير في تحصيل الغرض الملتمس منه في العين المملوكةِ المسلَّمةِ إليه؛ فإن المستأجِر إذا التُمس منه ما لا يتأتى تسليمه إلا بعيب يلحق العين المسلّمة إليه، فإذا حصل الغرض، ولحق العيب، لم يجب الضمان، على الرأي الظاهر، كما فصلناه.

وإن كان التأديب يحصل بما لا يُفضي إلى الهلاك، يباح تحصيله، وإن لم يجب.

وقال المحققون: إذا كان لا يحصل التأديب إلا بالضرب المبرِّح، فلا يجوز الضرب الذي لا يبرّح أيضاً، فإنه عريٌّ عن الفائدة. ثم إذا اعتقد المؤدب أنه اقتصر واقتصد، واتفق الهلاك، فنعلم أنه مخطىء في ظنه، فإن القتل لم يحصل إلا لمجاوزته الحدَّ.

فخرج من مجموع ما ذكرناه أن قتيل التعزير مضمون، فإن كان التعزير على حدّ الإسراف، فهو قتلُ عمد إذا كان يُقصد بمثله القتل غالباً، وإن كان بحيث لا يقصد به القتل، فهو شبه عمد، وليس خطأ. وإن كان التحصيل في الأصل جائزاً. وهذا من لطيف الكلام.

١١٢٢٥ - وأما الإمام إذا عزر، فأفضى تعزيره إلى الهلاك، فنقدم على هذا القولَ في أن التعزيرات هل تُستحَق؟ أطلق الأئمة الأقوال بأنها لا تجب، وهي مفوّضة إلى الإمام، واستدلوا بترك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعزيراتٍ في وقائعَ أساء أصحابها آدابهم.

وهذا الكلام لا مزيد عليه، ولكنه يحتاج إلى فضل بيان، فليس ما ذكرناه من


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٧٦.