للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، وهذا لا يرتضيه الأصوليون. إلا أن قُربَ خطر الشرب؛ من حيث إن قصاراه لو استتمه جلدات، فإن أمر الدفع لو صح لا يؤخذ من هذا المأخذ؛ فإن الإنسان - كما سنذكر إن شاء الله تعالى- يذب عن ماله، والعبد يذبّ سيدَه عن نفسه، وإن كان قتلُ السيد إياه غيرُ موجب ضماناً عليه في قودٍ ولا قيمة. ولكن تمكين الناس من السيوف يجرّ خبلاً عظيماً.

١١٢٤٦ - فخرج من مجموع ما ذكرناه أن الإنسان يدفع عن نفسه بكل وجهٍ [والكلام] (١) في وجوب الدفع. وهذه مرتبة.

والمرتبة الأخرى - في الدفع عن الغير وهو مقصود بالقتل، أو بفاحشة الزنا، وهاهنا افتراق الفقهاءِ وأربابِ الأصول، كما قدمناه، وفي مسلك الأصوليين رمزٌ إلى موافقة الفقهاء.

المرتبة الثالثة - في الدفع عن المنكرات والمحرّمات جُمَع سوى ما ذكرناه، والأصوليون مطبقون على أنه لا يجوز لآحاد الناس شهرُ السلاح، وذهب طوائف من الفقهاء إلى أنه لا مبالاة بشهر السلاح إذا اقتضت الحاجة إليه. وهذا نجاز القول في هذا الأصل.

١١٢٤٧ - وإذا كان المصول عليه يدفع عن نفسه، وقد قلنا: إنه لا يجوز له أن يستسلم، فإن استمكن من الوصول إلى الخلاص بالهرب، فقد اختلف أصحابنا الفقهاء في ذلك، فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز المكاوحة (٢) مع إمكان الهرب، فإن الغرض الخلاصُ بالأهون فالأهون، وإذا أمكن الهرب، فلا شيء أسلم منه.

ومن أصحابنا من قال: يجوز الثبوت، ودفع الصائل، وهذا يُوجَّه بأن الصائل


=مع الاستعانة بمختصر العز بن عبد السلام، وبسيط الغزالي، وشرح الرافعي، وروضة النووي. فأدينا المعنى بألفاظِ من عندنا.
وعبارة الأصل رسمت هكذا " لو دفع مراعمه الهام بامره ... دفعه ... إلخ " كذا تماماً رسماً ونقطاً. (انظر صورتها).
(١) في الأصل: " الكلام ".
(٢) المكاوحة: المقاتلة والمدافعة (المعجم).