للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبغي إزعاجه عن مكانه، فله ألاّ ينزع (١)، ثم يجر ذلك الدفعَ وارتفاعَ الحرجِ فيه.

والوجهان يجريان على جواز الاستسلام أيضاً؛ فإنا أجريناهما على تحريمه، غير أنا إذا جوزنا الاستسلام، فالأوجه وجوب الهرب حتى لا يهلِك، ولا يورّطَ صاحبه في التسبب إلى الهلاك.

١١٢٤٨ - والذي قطع به الأئمة، أنه يجوز للإنسان الذبُّ عن ماله كما يذب عن مهجته. وقال بعض الأئمة: للشافعي في القول القديم أن الدفع عن المال إذا كان لا يتأتى إلا بقتل القاصد أو إتلاف عضو من أعضائه، فلا يجوز دفعه، وهذا وإن أمكن توجيهه في القياس، فهو بعيد في الحكاية.

١١٢٤٩ - وقد حان أن نبتدىء القولَ في تدريج الدفع. قال الأئمة: ينبغي أن يقع الدفع بالأهون فالأهون، حتى إن أمكن الدفع بالكلام، فلا مَعدل عنه، وإن أمكن الدفع بالَّلكْم، فلا يعلو بالسوط، ولا ينتقل عنه إلى العصا والمثقّلات. ثم بعد ذلك كله يَشْهَر السلاح.

ثم [إذا قلنا:] (٢) الاقتصار على الدفع، [فلو] (٣) كان الصائل يندفع بسوطٍ -لو كان- فلم يجده المصول عليه، ولم يشتمل إلا من (٤) سيفٍ أو سكين، ولو حذفه بالسيف، لقتله، فهذا فيه تردد؛ فإن الدفع ممكن من غير قتل. هذا وجه.

ويجوز أن يقال: ليس يتأتى منه الدفع والحالة هذه إلا بما يجد، ولا يمكن نسبته إلى التقصير بترك استصحاب السوط. والدليل عليه أن البصير الماهر بالسلاح يدفع صيال الصائل بوجوه لا [تأتي] (٥) على الصائل، ولا [يستمكن] (٦) منها كل أحد. ثم


(١) ألا ينزع: أي لا يترك مكانه، يقال: نزع عنه إذا تركه، ونزعه عنه أخرجه منه، وأبعده عنه.
(المعجم).
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) في الأصل: " ولو ".
(٤) من بمعنى (على). وجاء على هذا قوله جل وعلا: " ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا "
[سورة الأنبياء: ٧٧].
(٥) في الأصل: يتأتى. والمثبت من المحقق رعاية للمعنى.
(٦) في الأصل: " يستمد ".