للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلاف ما اعتقده وصح على شرطه، لكان يرجع إِلى موافقة الحديث. فكأنه في (الجديد) قال: مذهبي في التثويب ما صح من قصّة أبي محذورة.

٧٠٤ - قال: "وأحب ألا يُجعَل مؤذن الجماعة إِلا عدلاً ثقة؛ لإِشرافه على الناس" (١).

قوله: "لإِشرافه على الناس" يحتمل وجهين: أحدهما - لإِشرافه في الغالب على المساكن والبيوت، لصعود منارة أو نَشَز (٢)، وقد يقع بصره على العورات. والثاني - لإِشرافه على الناس في مواقيت أشرف العبادات.

قال: "وأحبّ إليَّ أن يكون صيِّتاً حسن الصوت ليكون أرقَّ لسامعه" (٣).

لأن الدعاء من العادات إِلى العبادات جذبٌ إِلى خلاف ما يقتضيه استرسال الطبائع، فينبغي أن يكون الداعي حلو المقال؛ لترق القلوب، وتميل إِلى الاستجابة.

قال: "وأحب أن يكون الأذان على ترسلٍ، من غير بَغْي وتمطيط يزيل نظم حروف الكلم، وتكون الإِقامة على إدراجٍ، مع الوفاء بالبيان" (٤).

وبالجملة الأذان افتتاح الدعاء ليتأهب المتأهبون، فيليق به الترسل لغرض الإِبلاغ، والإِقامة للانتهاض للصلاة وتنبيه الحاضرين، فيليق به الإِدراج، ثم المرعي الوسط في الأمرين جميعاً.


(١) ر. المختصر ١/ ٦٢.
(٢) النشْز: بفتح الشين وإسكانها ما ارتفع من الأرض (المعجم).
(٣) ر. المختصر: ١/ ٦٢. والصيّت بوزن السيد والهيِّن: هو الرفيع الصوت، وهو فَيْعل من صات يصوت. (الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي فقرة: ٨٠).
(٤) ر. المختصر: ١/ ٦٢. والترسّل: التبيين، والمترسل: هو الذي يتمهل في تأذينه، ويبين كلامه تبييناً. والبغي: في الأذان: أن يكون رفعه صوته يحكي كلام الجبابرة، والمتكبرين، والمتفيهقين، فالصواب أن يكون صوته بتحزين وترقيق، ليس فيه جفاء كلام الأعراب، ولا لين المتماوتين. والبغي في كلام العرب: الكبر. والإِدراج هو أن يصل الإِقامة بعضها ببعض، وأصل الإِدراج الطي: يقال: أدرجت الكتاب والثوب، ودرجتهما إِدراجاً ودرجاً: إِذا طويتهما على وجوههما. (ر. الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي: ٨٠، ٨١).