للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه غيره بألفاظ تداني هذا اللفظ، والتعرض لتثنية كلمة الإقامة مرتين نَص في الرد على مالك (١)، وهو يبطل أيضاً مذهب أبي حنيفة (٢) في حمل الإفراد في الإقامة على إفراد الصوت في كل صنف؛ فإن استثناء قد قامت الصلاة مبطل لهذا المسلك في التأويل.

٧٠٢ - ومما يوضح الغرض أنه وقع التعبير في بعض الألفاظ عن الأذان بالتثنية، مع العلم بأن التكبير فيه مُرَبع، فالإِفراد المذكور في الإِقامة على مقابلة تثنية الأذان يقتضي التشطير لا محالة، ولَمَّا تقرر في عرف الشرع ذلك، كان التكبير مرتين بعد الحيعلتين في الأذان، وبعد كلمة الإِقامة في الإِقامة في حكم المفرد. وهذا إِذا تأمله المُنصِف ألفاه أسدَّ المذاهب وأقواها إِن شاء الله تعالى.

٧٠٣ - قال: "ويزيد في أذان الصبح التثويب" (٣).

وهو أن يقول المؤذن بعد الحيعلتين: "الصّلاة خير من النوم" مرتين، والذي نص عليه الشافعي في القديم، أن ذلك مستحب مشروع وقد صح أن بلالاً كان يثوِّب كذلك، وقال في "الجديد" (٤): أكره التثويب (٥)؛ لأن أبا محذورة لم ينقله.

والطريق المشهورة نقل القولين.

وقد قال الأئمة: كل قولين أحدهما جديد، فهو أصح من القديم، إِلا في ثلاث مسائل، منها مسألة: التثويب. وسنذكر مسألتين أخريين عند الانتهاء إِليهما.

وقد ذكرَ الصيدلاني طريقةً حسنةً، وهي أنه قال: ذهب أصحابنا المحققون إِلى قطع القول باستحباب التثويب، وقد اعتمد الشافعي في الجديد حديث أبي محذورة، وقد صح عنده بطرق أنه كان لا يثوب. وكل حكم اعتمد الشافعي فيه الخبر -وقد بلغه الحديث لا على وجهه أو لم يبلغه التمام- فنحن نعلم قطعاً أنه لو بلغه الحديث على


(١) في هامش (ت ١): ردّ على مالك وأبي حنيفة.
(٢) ر. المبسوط ١/ ١٢٩، بدائع الصنائع: ١/ ١٤٨، حاشية ابن عابدين: ١/ ٢٦٠.
(٣) ر. المختصر: ١/ ٦١.
(٤) ر. المختصر: ١/ ٦١.
(٥) في هامش (ت ١): قف على أن الشافعي قال في الجديد: أكره التثويب.