للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما إذا أمكنت العُدّة، وكثر الجند، ورغب المطّوّعة، والكفارُ يجد الإمام منهم في أوساط السنة الغِرّةَ، واستشعار [الفشل] (١) فلا يليق بالقواعد الكلية، وقد تجمعت الأسبابُ تعطيل الفُرص، وهي تمرّ مرّ السحاب، فلا وجه إلا هذا.

ثم القول في هذا يتعلق بمفاتحتهم بالقتال، وبالاحتراس عنهم، فأما الاحتراس، فتجب إدامته بلا فتور، وذلك بعمارة الثغور، وإعداد الكُراع والأسلحة، ونصب المرابطين.

ومما يليق بما نحن فيه أن الاكتفاء بنفس الجهاد لا سبيل إليه، ولا وفاء ببث الأجناد في جميع أطراف ديار الكفار؛ فإن التمكن من هذا عزيز الكون نادر الوجود، ولكن ينبغي أن يكون شوفُ الإمام إلى أن يغزي إلى كل جهة من الأجناد ما ينشر منهم النكاية أو الرعب في ذلك القطر، وإن أمكن من استئصال شأفة الكفار في رقعة الأرض، فليفعل، وإن لم يتمكن من إغزاء جنود، فليبدأ بالأهم فالأهم. هذا أصل القول في ذلك.

١١٢٧٩ - وقد اختلف الفقهاء في أن الجهاد هل كان متعيناً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، أم كان فرضاً على الكفاية؛ فقال قائلون: كان متعيناً عليهم، وكان النَّافرون مقيمين للغزو، والمقيمون بالأمر حارسين للمدينة، وكانت ثَغْرَ (٢) الإسلام.

وقال قائلون: تعيّن الجهاد على ذوي النجدة منهم، لكثرة الكفار، وقلة المهاجرين والأنصار.

وقال قائلون: كان يتعين على الذين يعينهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستجيبوا.

فإن حملنا الأمر على هذا الوجه على القلّة، فلا اختصاص؛ فإن ذلك قد يفرض


(١) في الأصل: " القتل ". وهو تصحيف واضح. والمعنى أن يجد منهم غرة وفشلاً. أي تفرقاً وعجزاً.
(٢) ثغر الإسلام: أي عاصمة الإسلام.