للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في زماننا، كما سنصفه إن شاء الله عز وجل. وإن قلنا: كان الغزو فرضاً عليهم من غير علّة ولا قلة، فهو إذاً خاصِّيّة، ولا يكاد يثبت هذا بنقلٍ موثوق به، ولا باستفاضةٍ تغني عن النقل. ولو عين الإمام في زماننا قوماً، فحقٌّ عليهم أن يذعنوا، فإنهم لو سلّوا أيديهم عن الطاعة، لانتثر النظام، وتزعزعت القاعدة، فلا بد إذاً من ارتسام مراسم الإمام.

ثم إنه يرعى فيهم بصفة المناوبة، ولا يتحامل على طائفة بتكرير الإغزاء مع ترويح الآخرين وتركهم إلى الدَّعة.

فإذا تعلّق الكلام بمحض أحكام الإمامة، فالأولى الانكفاف. وأجمع موضوع لنا في أحكام الإمامة، مع الإيجاز والتنصيص على غوامض أحكام الأئمة الكتاب المترجم (بالغياثي).

١١٢٨٠ - فإذا تمهد ما ذكرناه من فروض الكفاية فإنا نذكر على الاتصال بهذا المنتهى الصفات المرعية فيمن يكون من أهل هذا الفرض. والكلام في ذلك يتعلّق بقسمين: أحدهما - في الصفات التي تعدّ من اللوازم، والثاني - الكلام في الأعذار الطارئة.

فأما القول في اللوازم، فالعبد ليس من أهل فرض الكفاية في نفسه، وإن أمره مولاه بأن يقاتل، فما الرأي فيه والأمرُ من المولى جازم؟ والوجه أنهم لا يلزمهم طاعته؛ فإنهم ليسوا من أهل هذا الشأن بأنفسهم، والمِلك لا يقتضي التعرّض للهلاك، فليس القتال من الاستخدام المستحَق للسيد على العبد المسترقّ، ولا يجوز أن يكون في هذا خلاف، وإذا لم نوجب الدفع على المسلم المقصود (١)، على التفصيل الذي قدّمناه للفقهاء، فلا يجب على العبد أن يدفع عن سيده، إذا كان في الدفع مُعرضاً نفسه للهلاك، ولا أثر للملك في هذا الباب، ولا حظ للسيد في دم عبده، على معنى أن يعرضه للتلف. نعم له استصحاب عبده ليخدمه في السفر ويسوسَ الدابة، كدأبه في الظعن والإقامة.


(١) المقصود: المراد هنا المقصود بالصيال والعدوان عليه. فهو يسمى المقصود والمعتدي يسمى القاصد.